ثقافات

“داير ما يدور”: مجموعة شباب مبدعون اتّحدوا من أجل إحداث تغيير إيجابي في المنطقة العربية

لبنانون عاجل – المصدر: جريدة النهار

تعمل مجموعةٌ مؤلّفة من 32 شابّاً مبدعاً وعدد من الهيئات من سبعة بلدان عربية على ردم الهوّة بين الثقافة والمواطنة والسياقات المحلّية، بدعمٍ من برنامج “ثقافة داير ما يدور” الإقليمي المموَّل بالشراكة مع الاتّحاد الأوروبي. ويندرج البرنامج تحت عنوان “مبادرات ثقافية ومدنية يقودها الشباب”، وكان قد انطلقَ رسميّاً في نيسان 2021، هادفاً إلى تعزيز الوصول إلى الثقافة وإحياء الحوار بين الثقافات عبر مشاريع فنّية مجتمعيّة قائمة على مبدأ التعاون ومنسجمة مع السياق.

سارعَ شباب المجموعة والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة، والذين أتوا من الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين وتونس والمغتربين الليبيين والسوريين إلى تقديم مشاريعهم الإبداعية للمشاركة في البرنامج، من خلال 377 طلباً خلال شهرَيْن فقط من الدّعوة المفتوحة، ممّا يجعل الطلب على دعم المشاريع الثقافية أمراً مؤكّداً.

وأفاد منسّق برنامج “ثقافة داير ما يدور” مهاب صابر إنّ “برنامج “مبادرات ثقافية ومدنية يقودها الشباب” استجاب لواقعٍ استخلصناه من تقييمات للاحتياجات ودروس مكتسبة من البرامج السابقة”. وأضاف: “نحن نركّز بشكل أساسي على تعزيز منظومة حيويّة ثقافيّة، لا سيّما في المناطق المحرومة، إضافةً إلى تشجيع التنوّع والحوار بين كلّ الجهات الفاعلة الثقافية في المنطقة”.

وينفّذ برنامج “مبادرات ثقافية ومدنية يقودها الشباب” الجمعية التونسية “الشارع فنّ” القائمة في قلب مدينة تونس، وهو يرتكز على أهمية وترابط الثقافة والمواطنة لتحفيز التغيير المستدام.

وشرحت كاميل هولتزل، المسؤولة عن مشاريع الرصد والتعاون في جمعية “الشارع فنّ” أنّ ” العمل الثقافي بمفهومه الأوسع يمثّل أساس جمعيتنا. نحن نؤمن فعليّاً بقدرة الروابط البشرية والتوعية الإبداعية على إحداث تنمية اجتماعية-اقتصادية ودفع عجلة التغيير الإيجابيّ”.

واختارت الجمعية 32 مشروعاً من مجموعة متنوّعة من المقترحات في مجالات الهندسة المعمارية والجغرافيا والإنتاجات السمعية البصرية والأزياء المستدامة والكتابة الإبداعية، انطلاقاً من تركيزها على التعاون والملاءمة السياقية والاستدامة.

ويهدف برنامج “مبادرات ثقافية ومدنية يقودها الشباب” إلى تمكين الشباب من البلدان المختارة السبعة في المنطقة العربية لتنفيذ المشاريع الإبداعية من الألف إلى الياء على مدى مرحلتين، الأولى ممتدّة من نيسان إلى تشرين الأوّل 2021، ومرحلة أخرى إنتاجية اعتباراً من العام 2022.

وهذا بحسب كاميلا، يعني إعطاءهم الفرصة من خلال الوقت والدّعم التقني والتوجيه، إضافة إلى المنحة، للتفكير في مشاريع قادرة على تحقيق أكبر أثر ممكن في مجتمعهم، وتصميمها وإنتاجها. لهذا السبب، تُعتبَر المرحلة البحثية مهمّة جداً”.

أمّا عن المُشاركون في البرنامج، فقد أكّدوا للنهار، أنهم يشكون من قلّة الاهتمام بالأبحاث النظريّة في المنطقة.

فالشاب التونسيّ “محسن بشير”، والذي اختير مشروعه الوثائقي التصويري تحت عنوان “Thirst Republic” أو “جمهورية الظمأ”، اعتبر أنّ “البرامج التي تقدّم لك الدعم خلال المرحلة البحثية” قليلة، بالرّغم من “أنّها أهمّ مرحلة”.

ولفتت الفنّانتان المغربيّتان إيمان جميل وفاتن عرفاتي بأنَّ اقتراح المشروع الذي قدّمتاه في كانون الأوّل 2020 لاقى تطوَّراً كثيراً و”يختلف تماماً عن الصّورة التي في ذهننا الآن”.
وقالتا: “وصلنا إلى طرفاية، وهي مدينة ساحلية في غرب المغرب، وفي ذهننا فكرة محدّدة جداً – مهرجان فنّي سمعيّ في موقع آثار المرفأ القديم – ولكنْ سرعان ما أدركنا أنَّ الفكرة غير ملائمة لواقع المكان”. وقد أعادتا صياغة مشروعهما ليخدم بشكل أفضل المجتمع المحلّي والبلد ككلّ. وبالفعل، تُخطّطان الآن للاستعانة بالمهرجان الترفيهي القائم على القصص كحدثٍ افتتاحي لمشروعٍ أكثر طموحاً: تسجيل جزء من آثار المرفأ القديم ضمن قائمة التراث الرسمي لدى وزارة الثقافة.

وقال مؤيّد أبو أمونة، المحترف في مجال التواصل والسينما والمقيم في فلسطين، أنَّ البرنامج ساعد على توفير بيئة نابضة بالحياة ومثمرة لنا جميعاً، نحن الفنّانون الشباب والعاملون في الثقافة، من أجل تنفيذ مشاريعنا وتبادل خبراتنا. أعتقد أنَّ هذا الأمر سيُساهم إلى حدّ كبير في إحداث تغيير على المستوى المحلّي لدينا، وضمن السياقات الأوسع”.

وأمل مؤيد أن تساعد استعانته بالفنون البصرية على نشر التوعية حول موضوع الأزمة التي تعيشها فلسطين. فمشروعه بعنوان “تأريخ” في قضية الشعب الفلسطيني قبل العام 1948 وما بعده، يبحث من خلال سلسلة من الأفلام في القضية الفلسطينية التي تعرض المفاهيم المتداخلة حول التاريخ الفلسطيني والهوية الفلسطينية والسياقات الإبداعية المعاصرة.

بالنسبة إلى طوني جعيتاني، المخرج والفنّان في المجال السمعي والبصري، الحائز على جائزة، والذي يعمل على مسلسل تلفزيوني عن لبنان ما بعد الحرب، “هذه هي الطريقة الحقيقية الوحيدة للابتكار، لأكون وفيّاً لسياقي ولبيئتي، عليّ أن أتكلّم عن موضوع يحرّكني … موضوع يخصّني”.

وأضاف: “بصفتي لبنانيّاً وُلد في العام 1992، كنتُ أسمع باستمرار قصصاً عن الحرب الأهلية. وبالرغم من أنّني لم أعشها، فإنّني حصلتُ على مئاتٍ من الروايات المختلفة عن الحرب. ولكنْ، لم أتمكّن من العثور على قصص عن الجيل ما بعد الحرب: الجيل الذي أنتمي إليه أنا”.

لهذا السبب، قرَّرَ طوني أن يخبر ليس قصّته فحسب، بل “القصّة الأكبر” أيضاً، وليخلص إلى القول: “أحبّ فعلياً الفنّ المتشعّب وليس الفنّ المتقارب. فمع أنّه ينطلق من محيطي، إنّما يمكن أن يتحوّل ليصبح موضوعاً عالمياً بالفعل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى