تلفت مصادر متابعة عبر “النهار” أن الحراك الداخلي الذي قامت به أكثر من جهة سياسية، إنما كان لكسر حالة الجمود، وليس مدخلاً للحل، أو تسويقا لمبادرة ما، كما اعتقد البعض بفعل الجولات واللقاءات التي كان قطبها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط و”اللقاء الديموقراطي”، بمعنى ان هذه الحركة لم تهدف إلى تسويق مبادرة ما، بل الخروج من رتابة الوضع القائم، ومحاولة خلق فرصة للشروع في حوار في ظل الستاتيكو القائم حالياً، ما يدل على صعوبة لبننة الإستحقاق من خلال شعارات وإنشائيات، لأن المسألة عميقة جداً في ظل “الكباش” الداخلي والإقليمي. وبصراحة متناهية، كما يقول أحد النواب المخضرمين، إن من يتحكّم بمفاصل البلد هو “حزب الله”، وهذا واقع لا يمكن تجاهله أو الهروب منه، بدليل أنه يحتفظ بورقة مرشحه النائب السابق سليمان فرنجية، ولا يريد أي مرشح سواه، أو النقاش والتفاوض على شخصية من خارج هذا الفريق أو ذاك، وما يقال على المنابر من قِبل نواب وقادة هذا الحزب، عن ضرورة الحوار والتوافق على مرشح غير استفزازي، إنما هو بمثابة ذرّ للرماد في العيون.
وفي هذا الصدد، تلفت المصادر الى أنه وفق الإتصالات واللقاءات التي حصلت في الساعات الماضية مع بعض السفراء العرب والغربيين، فان ما اطلقه نصرالله من تهديدات ورسائل ومواقف لم يرقهم بعدما حاول أن يفرض شروطه الرئاسية، ويؤكد للمجتمع الدولي والمعنيين أنه ما زال قوياً وقادراً على تعطيل أي استحقاق دستوري وسواه، على خلفية أن إيران لن تسهِّل الجهود التي تبذلها الدول الخمس التي اجتمعت في باريس مجاناً، بل تريد أن تقبض الثمن السياسي، بمعنى رفع العقوبات عنها في الملف النووي، وسوى ذلك من الخلافات، خصوصا في ظل ما تتعرض له من عزلة دولية تفاقمت بعد الإحتجاجات التي تشهدها المدن الإيرانية ضد النظام الإيراني. وتتابع المصادر أن اللاءات التي أشار إليها نصرالله، جاءت بعد ساعات على تحرك سفراء الدول الخمس باتجاه المرجعيات السياسية، والحديث عن تسوية بدأت معالمها تظهر من خلال إصرار المجتمع الدولي على انتخاب الرئيس العتيد، وربما يلي ذلك خطوات يحكى أنها قد تشمل مؤتمرا وطنيا أكبر من “سان كلو” وتسوية الدوحة، إلى اجتماع للدول المانحة لدعم لبنان في ظل الإفلاس والصعوبات الإقتصادية التي يعانيها.
وتلفت إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية خصوصا، كانت مشمئزة من استمرار لغة التهديد وفرض الأجندة الإيرانية بقوة السلاح وتهديد الشعب اللبناني، وبناء على ما قاله السيد نصرالله، يتأكد مدى أهمية انتخاب رئيس في لبنان غير تابع لهذا الحزب، بل شخصية وطنية وعربية محايدة، وذلك عامل أساسي ومنطلق لإعادة مدّ الجسور مع لبنان وترسيخ الثقة، الأمر الذي بات مطلباً جامعاً لبنانياً وعربياً ودولياً، وإلا ستبقى الأمور تدور في حلقة مفرغة. وعلى هذا الأساس، فإن المعطيات تشير إلى أن من يعملون على خط التسوية أو انتخاب الرئيس، إنما ينطلقون من هذه الخطوات التي تعتبر مندرجاتها خشبة الخلاص للحلّ.
وتخلص المصادر الى القول ان من الصعوبة بمكان الوصول إلى أي إيجابيات داخلياً، لأن الإستحقاق الرئاسي بحاجة في المرحلة الراهنة إلى جهود ومساعٍ دولية، باعتبار أن لبنان رهينة في يد طهران، والخاطف هو “حزب الله” الذي يعتبر النائب ميشال معوض مرشحا إستفزازيا، وعندما طُرحت أسماء أخرى من المعتدلين والمشهود لهم بالشفافية والوطنية لم يستمع أو تجاهل هذه الأسماء.