سلايداتمقالات

سيليكون فالي ولا على بالي

كتبت: كفا عبد الصمد

لا افقه الكثير في علم الإقتصاد، وعلاقتي بالمال علاقة سطحية لا تتخطى حدود الحاجة، والنشرات او الاخبار الاقتصادية، اسمع ولا افهم، لغة سنسكريتية لا افهم حرفا منها، لكن هذا لا يمنع ان تستوففني محطات بارزة في الحياة الاقتصادية المؤثرة..

مع نهاية الاسبوع الماضي اعلن بنك سيلكون فالي افلاسه في الولايات المتحدة الامريكية. انتقلت وكما العادة هالة الهلع من الاراضي الامركية الى رحاب الاحضان اللبنانية وتحولنا بقدرة قادر الى محلليلن اقتصاديين استراتيجيين، تنتظر اميركا منا موقف حتى تعرف اي طريق لتلقف الازمة يجب ان تسلك..

مهلا من منكم يعرف بهذا المصرف اصلا او يهتم به، حتى نعيش حالات الانهيار التي شهدناها على الشاشات منذ ايام. بدأت التحليلات وبدأت الصور تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشار النار في الهشيم.

لبنان واميركا تجمعهما طوابير الانتظار. الاقتصاد الامركي يسقط، وغيرها من الشعارات، حتى يظن من يتابعنا باننا ام الصبي.. اغفل وكالعادة اللبناني جميع التفاصيل المتعلقة بالافلاس وكيف تعاملت معه الحكومة، وركز فقط على صورة الناس تقف في طوابير. يطرح مقاربة لا تجوز اصلا. صحيح ان الطوابير ملأت الاماكن الشاغرة امام المصارف الاميركية المهددة بالافلاس، لكن المودعين هناك حصلوا على حقوقهم ولم يضطروا الى شحذ جنى اعمارهم بالقطارة لان خلف ابواب المصارف يقف من سرق تعبهم ونهب ثرواتهم. اصطف المودعون في طوابير ليحصلوا على حقوقهم بكرامة من دون ام يضطر اي شخص الى تهديد البنك وموظفيه بسلاح مزيف حتى يحصل على فتافيت يعالج بها مريضا يحتضر او يسكت الما قاتلا.. طوابيرهم فيها من الكرامة بقدر ما في طوابيرنا من الذل.. هناك شعب يحاسب وسياسي يعمل لخدمة شعبه، وهنا شعب يضحي بنفسه من اجل ارضاء زعيمه وتقديسا لسر ولي نعمته..

لست من المهتمين بالشان المالي، ولا ادعي اني اكتب في الاقتصاد، لكن خبر معاودة العمل في المصرف المذكور مع ادارة جديدة واعطاء الموديعين موعدا ابتدا من الاثنين المقبل بحيث تعود الامور الى نصابها، من دون ان يفقد اي مودع فلسا من امواله، اشعرتني بالغبن والالم.. نشحذ مالنا على ابواب مصارفهم ونقتل كل مرة نحاول ان نطالب فيها بحقوقنا، جزء من كرامتنا، نموت على ابواب المستشفيات،وننذل على طوابير الخبز والدواء والبنزين، والبلد ماشي والسرقة ماشية ولا من يبحث عن اصلاح او تغيير. نحن في قعر القعر ولا زال لعابهم يسيل على قطعة الجبنة العفنة والمتهالكة، محاولين اقتسامها كغنيمة حرب ثمينة..

مؤسف بل مبكي ما يحصل، لكنه واقع اما ان نثور ونغيرهم ونقلب الطاولة على كل من عليها، واما الاستسلام لمشيئة القدر وانتظار رحمة السماء..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى