
كتب طوني فرنسيس في نداء الوطن:
تمضي «الفصائل اللبنانية» المتحكّمة بالسلطة في سياساتها غير آبهة لا برأيٍ عام داخلي ولا بنصائح العالم.
آخر إنجازاتها تعطيل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية. قبلها أنجزت تعطيل الانتخابات الرئاسية ولا تزال تمعن في تجاهل ضرورة إجرائها. وأنجزت نهب ودائع اللبنانيين وهدم اقتصادهم. هجّرت أبناءهم وتعمّدت تعميم الفساد والافساد. فجرّت المرفأ ومنعت التحقيق في أسبابه والكشف عن المسؤولين عنه…
لم يكن إلغاء الانتخابات البلدية مفاجئاً. إنّه من جملة عادات «الفصائل» السيّئة والمسيئة.
في السابق، ومن دون مبرّرات، ألغت الانتخابات النيابية، وتحوّلت الانتخابات الرئاسية محور نقاش حول إدارة الفراغ. وجعلت من تشكيل الحكومات معجزة في التكليف والتأليف، ومع ذلك تمكّنت من إدارة البلد عبر شبكة مصالحها وأزلامها في الادارات والوزارات وحاكمية البنك المركزي وميليشيات التحرير الطائفية والمذهبية.
لا تسأل فصائل التسلّط عن رأي عام داخلي ولا عن رأي عام دولي. الإثنان يلحّان على انتظام الحياة الدستورية والالتزام بمواعيدها ومحطّاتها، الرئاسية والنيابية والحكومية والمناطقية، وهي تتمسّك بدوس الدستور وتنتظر ما سيقرّره الخارج بشأن مستقبل لبنان، فتترقّب كلمة من ماكرون وهمسة من عبد اللهيان إلى كاترين كولونا في بكين، ثم تحاول فكّ طلاسم السياسة «الأخوية الايرانية»، وسير العلاقات بين طهران والرياض وما سيقوله بايدن في هذا الخصوص… وفي الأثناء تستعجل بيع الولاءات وتسجيل الوكالات الحصرية خدمة للخارج وأطرافه من الإقليم حتى أقاصي الأرض، فمصالحها الخاصة تأتي في المرتبة الأولى. وفي الداخل تكتفي «الفصائل» تلك، في ذكرى 13 نيسان، يوم انتصر منطق الميليشيات المحلية والاجنبية على الدولة، بإهداء اللبنانيين ما يذكّرهم أنهم ما زالوا في المربّع الأول، مربّع «حارة كل مين إيدو إلو»، وأن المسافة طويلة قبل الوصول إلى دولة الدستور والقانون عبر الاحتكام إلى الانتخاب وتداول السلطة من تحت إلى فوق وعلى كلّ المستويات.