كتب: باسم م. الحسنية:
يبدو أن مجريات الأحداث والتغيرات الجغرافية والديمغرافية التي طالت المنطقة العربية منذ بدء ما يرعف بالربيع لبعربي وخاصة في دول حوض المتوسط، لم تشكل صدا منيعا للتدخلات الخارجية بالسياسة اللبنانية لا سيما تدخلات النظام السوري، والمتمثلة بوكيله الحصري في لبنان، ونعني هنا حزب الله والذي سيطر على القرار السياسي وهدد اللبنلني في أمنه وأمانه متمسكا بالثلث المعطل، ما جعل تحقيق أي تغيير على الصعيد المحلي يبدو مستحيلا ما لم يمر من تحت عباءة حزب الله.
وإذا كان آخر العلاج الكي، فإن آخر ما عرفه اللبيانيون من بطش النظام القمعي الأسدي جاء من خلال مشاركة جناحه العكسري إذا صح التعبير في لبنان أي حزب الله، في جريمة إنفجار المرفأ في العام 2020. هذه الجريمة التي تحتل المركز الثالث على مستوى العالم، لإنفجار دمر جزء من بيروت، سجل مئات القتلى وآلاف الجرحى، شرد وهدم وغيب عن بيروت معاني الفرح والحياة، وتحولت إلى مدينة منكوبة تذرف الدمع والحسرة.
لا نتحدث عن دور حزب الله والنظام السوري في إنفجار المرفأ من باب الإدعاء وحسب، لكن المعطيات تشير مما لا شك فيه أن لهذه القوة الهمجية المسيطرة دورا في عملية التفجير بشكل أو بآخر، فضلا عن أن عرقلة التحقيق والتفرد بالقرار لجهو إختيار القاضي ورفض أي طروحات قابلة للنقاش، كلها عوامل تؤكد أن لحزب الله والنظام الداعم له دورا مخفيا في التسبب بحدوث هذا الإنفجار.
شحنة النيترات التي وصلت إلى مرفأ بيروت من دون أي ملاحقة قانونية لها ومتابعة خاصة، كونها تتضمن موادا قابلة للتفجير، تؤكد تورط حزب الله في هذه الجريمة، كونه المستفيد الوحيد من الإحتفاظ بالنيترات وتصديرها إلى النظام السوري الذي استخدمها في قتل أبناءه وقصف مناطق غير خاضعة لسيطرة النظام عبر الخزانات التي كان يرميها جوا على السكان العزل.
أضف إلى ذلك إن المرفأ برمته كان بقبضة الرئيس الأمني لحزب الله وفيق صف، والعنبر رقم 12 الذي حدث فيه التفجير وكان محتضنا للنيترات، هو خاص للحزب لا يجرؤ أحدا على دخوله أو الوصول إليه إلا بموافقة مباشرة منهم. هذا وأظهرت التحقيقات تورط شبكة معقدة من الشركات الوهمية بنقل الشحنة وتخزينها في مرفأ بيروت، يقودها عدد من السوريين معروف ولاءهم لنظام الأسد. منهم عيسى الزايدي ومدلل خوري وجورج حسواني، والقبرصي صاحب تاريخ طويل في غسل الأموال وممول مالك سفينة روسروس، وجميعهم على لائحة العقوبات الأمركية لمساعدة الأسد في نقل الأسلحة والمتفجرات.
ما تم ذكره سلفاهو قراءة سريعة في التاريخ المعاصرـ لنؤكد أننا لسنا ضد السوري شعبا وأرفادا وأشخاصا تربطنا بهم علاقة مصاهرة وقرابة دم، نحن جيران صحيح، لكن عندما يتدخل الجار في حياة ومصير جاره يجب إيقافه أو الإستغناء عنه.
نحن لسنا ضد النازح الذي هجره نظامه الفاشي والقمعي، ونحن أخبر الناس بظلم هذا النظام وإستبداده، لكننا ضد الهيمنة والسيطرة غير المبررة. تبقى في لبنان طالما أنك تحترم قوانينه وتلتزم سياسته، أما أن تتحول إلى شبيح يمارس همجية نظامه على أرضنا فلا مكان لك بيننا.
ما نتمناه من المجتمع الدولي هو مساعدتنا في الضغط على اعداء لبنان وان يتركوا الشعب اللبناني يقرر مصيره، ويساعدنا في إعادة النازح السوري إلى بلده، أما شبيحة النظام فنقول لهم:
ارحلوا ارحلوا ارحلوا..