
كتبت: كفا عبد الصمد
رحل ايلي شويري، عاش صخب الحياة الفنية، رافق العمالقة ولحن للكبار، فكان واحدا منهم. عاش اكثر من ثمانية عقود لا رفيق له سوى عود سطر ابداعاته ووطنا حمل مأساته. من الكويت الى لبنان انتقلت موهبة شاب طلب منه ان يتعلم العزف على العود بالصدفة، ووافق من باب الفضول ليس الا، لم يكن يعلم يومها انه سيكون احد عمالقة الفن الاصيل وابرز اعمدته.. اختاره المسرح الرحباني ليكمل به سبحة من اللآلىء الفنية التي رسمت لهذا الوطن هوية وانتماء..
كان ثائرا في كل ما قدمه، جمع الترتيل وصلاة المآذن في ذروة الانقسام، آمن بالإنسان وما يمكن ان يقدمه في خدمة اخيه الانسان، لم يلوث صوته بوسخ السياسة اللبنانية، عاش حرا ورحل حرا كطائر الفنيق، احب الوطن ودافع بصوته ولحنه عن حلم اسمه لبنان..
رافق الكبار وكان فخورا بانه ولد في زمن العمالقة وتمكن من معاصرة ام كلثوم وعبد الوهاب. تشارك مع ارزات لبنان في صناعة ابجدية خاصة بالأغاني اللبنانية. لحن لوديع الصافي وصباح وماجدة الرومي وغيرهم كثر لكن بقي لفيروز في قلبه مكانة خاصة، جارة القمر وايقونة الفن العربي، فنانة صنعت وطن بحجم الحلم..
ايلي شويري لم يكن تفصيلا عابرا في المسرح الرحباني، بل نجح برخامة صوته وعبقرية الحانه ان يسجل حضورا بارزا ويأخذ مكانا لا ينافسه عليه احد، نجح في ان يكون واحدا منهم، من هؤلاء الكبار الذين صنعوا لهذا الوطن هوية وانتماء..
هذه المرة تمكن راجح منه ولم ينجح عيد من الاختباء خلف قضبان وهمية ليحمي نفسه من غضبه، جاء ليأخذه الى حيث يرقد العمالقة.
ايلي شويري قامة فنية خسرها لبنان الذي على ما يبدو يمر ليس فقط في اسوء مراحل حياته السياسية، كذلك الفنية، وما رحيل العمالقة في زمن التشرذم السياسي الا تحذير من السماء بأننا نهدر ثروة بفسادنا وطمعنا ونرجسيتنا القاتلة..
كنت اتمنى ان لا يمر رحيله بهذه الصورة الباهتة، ونكتفي بمقالات وتقارير متلفزة، ايلي شويري يستحق اكثر من ذلك، لكن في وطن النجوم لا مكان لاي تكريم يليق بالقامات التي لدينا. غدا وقبل ان يوارى جسد ايلي شويري الثرى يوضع وسام على نعشه كعربون تقدير من دولة حلم فيها بوطن ورحل قبل ان يحقق حلمه..
ايلي شويري شكرا على ما قدمته لنا على مر سنوات عطاءك وهنيئا لمن عمل معك وتعرف على شخصك. في رحلتك الاخيرة على هذه الارض لك منا الف تحية وسلام.. وداعا