سلايداتمقالات

هوية لبنان بين مناورة عسكرية ومايوهات بحرية..

كتبت: كفا عبد الصمد
تصدر محرك البحث عن الاخبار اللبنانية في الاسبوع المنصرم، خبران شكلا موجة من الانتقادات والتحليلات كان لا بد منها، حتى يبنى على الشيء مقتضاه، ونحدد ولو جزئيا هوية سويسرا الشرق والى أين تأخذنا الظروف التي وصلنا اليها..
كلقمة سائغة تلذذ بمضغها كل من يبحث عن الاصطياد في الماء العكر، انتشرت قصة المشكلة التي وقعت على شاطىء صيدا، هذا استنكر وآخر شتم وغيرهم رفضوا وهددوا، لكن جوهر القضية لا يأتي من ما قيل او ما كتب، اذ كل جهة تقود دفة موقفها من ما حصل انطلاقا من مصالحها الشخصية، وتقول ما يناسبها بغض النظر عن صوابية رأيها، ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل، لا يمكن اعتبار نزول شيخ له مرتبة دينية موقرة الى مسبح جاءت بالصدفة. ان اثارة هذه القضية في مثل هذه الظروف، البلد في قمة الانهيار، والناس تموت على ابواب الصيدليات والمستشفيات، والقطاع التربوي يهدد مستقبل طلاب لبنان، ورغم بشاعة ما يحدث لا زالت سمسرة الصفقات تتم، من تحت الطاولة وبعضها على عينك يا تاجر، وسط كل هذا الفلتان والضياع والانهيار، تصدر خبر ارتداء النساء للمايوه محركات البحث وبات الخبر الابرز والاهم. تفصيل لا يمكن تخطيه. بغض النظر عن ان رجل الدين لا مكان له على شاطىء يكتظ بالسباحين، وانه من المفروض انه تخلى عن ملذات الحياة الدنيا قولا وفعلا ونظرا، وبغض النظر عن ان المايوه هو لباس مناسب في مكان مناسب، غير ان ما حدث ان دل على شيء فهو بالتأكيد يدل على صفقة ما يتم تمريرها ويحاولون الهاء الناس عنها، كما جرت العادة مرارا وتكرارا..
اما بالنسبة للمناورة العسكرية التي نفذها حزب الله في منطقة عرمتا الجنوبية، فهي لا تحتاج الى استفاضة بالتحليل، يحاولون القول نحن هنا، ورسائلها الداخلية اعمق بكثير من رسائلها الخارجية، لا داعي لأن تذهبوا باحلامكم بعيدا، سواء بالنسبة لانتخاب الرئيس او تعيين الحاكم او حل قضية النازحين، كل ما له علاقة بسيادة لبنان لا بد وان يمر من تحت عباءة الحزب والا سيعاد السيناريو من جديد وهذا دليل على ما يملكه الحزب وما يمكن ان يقوم به..
هذه العراضة والمبالغة في استعراض القوة والسلاح لم تكن يوما رسالة يستخدمها الحزب لمواجهة عدوه المفترض اسرائيل، بل كانت وستبقى رسالة تحذيرية لكل لبناني سعى او فكر في السعي لتحقيق دولة مدنية خالية من اي سلاح غير شرعي..
هوية لبنان على المحك، عندما تضعف الحريات تتقلص القدرة على التغيير، حرية الراي والملبس والمعتقد من مقدسات الدستور اللبناني، وكم كنا نتباهى اننا دولة تمارس فيها الحرية الشخصية الى اقصى الحدود، من دون ان تنال من حقوق احد او كرامته.. كنا نرى في الشارع ذاته المحجبة والمنقبة والراهبة والسافرة، هكذا نشأنا وهكذا نريد ان نبقى..
بالله عليكم حافظوا على هوية لبنان، بلد الحرية والانفتاح ولا تعيدونا الى قوقعة قاتلة تبعدنا عن ما يجري في العالم مئات السنوات الضوئية وتضعنا على رف النسيان.. لبنان جميل بحريته فلا تغتصبوها تنفيذا لمآرب شخصية ومناطقية وطائفية ضيقة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى