كتب وليد شقير في نداء الوطن:
إنتقلت المعركة الرئاسية إلى مرحلة جديدة مع إعلان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل تأييده التصويت للمرشح الذي «تقاطع» عليه مع سائر فرقاء المعارضة.
يميل أحد النواب المنخرطين في الاتصالات التي جرت في الأيام الماضية من أجل إنجاز الاتفاق على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور مقابل دعم «الثنائي الشيعي» لترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، إلى وصف ما بعده بأنه «نصف النهائي» للمبارزة الرئاسية. أما ما هي المدة الزمنية التي سيستغرقها الوصول إلى نهائي التصفيات فهذا أمر آخر، تبعاً للسيناريوات المتعددة التي يمكن أن يشهدها ملعب الاستحقاق الرئاسي. وهو مدى يمكن أن يكون قصيراً، أو طويلاً قبل أن تمر المباراة في مرحلة تمديد الوقت اللامتناهي للفراغ الرئاسي، بين كرّ وفرّ وتسجيل أهداف متبادلة، وصولاً إلى ضربات الترجيح التي يلعب المجهول الإقليمي والدولي (الحظ) دوراً مهماً فيها.
أما إذا أبقت ضربات الترجيح على التعادل السلبي القائم حالياً، وهي من النوادر التي لا تحصل إلا في ملعب لبنان الغريب العجيب، حيث هناك فريق يخوض اللعبة بقساوة وبارتكاب الفاولات، فلا مناص من تجديد ضربات الترجيح حتى يفوز مرشح ما.
وفي كل الأحوال يتوقف انتظام المباريات المقبلة على حسن إدارتها من الحكام «الدوليين»، الأجانب الذين اختلف تحكيمهم لمجريات اللعبة، فتركوا التصفيات التي جرت في المرحلة السابقة من عملية فرز الفرقاء، أن تجري على غاربها، ما ساهم في تغليب التعادل السلبي… صفر- صفر.
إستناداً إلى فرضية أنّ رئيس البرلمان نبيه بري سيدعو إلى جلسة انتخابية في «نصف النهائي» سيختبر فريقا المعركة الرئاسية قدرة كل منهما على جمع الأصوات (النقاط) لتأهيله من أجل نهائي البطولة. المفارقة أنّ كلاً منهما يدرك سلفاً أنّ الأمور ستنتهي بالنتيجة إياها حتى لو تفوق أحد المرشّحَين على الآخر، في جمع أكثرية النصف زائداً واحداً أو حتى أقل، لأنّ أحدهما سيحول دون الانتقال إلى الدورة الثانية من الاقتراع بتعطيل نصاب الثلثين الملزم لانعقادها كي يفوز الرئيس بالـ65 صوتاً. ونعود إلى الدوامة نفسها من الحاجة إلى «التوافق»، بعد أن يكون أحد الفرقاء أثبت تفوق مرشحه بعدد النواب المؤيدين له، ليدعو منافسه إلى أن يخطو خطوة نحوه. ويذهب البرلمان إلى ما يشبه «الوقت المستقطع» الذي يفترض أن تتخلله محاولات التوافق.
لكن اختبار القدرة على تجميع الأصوات ليس الوحيد الذي سيشهده «نصف النهائي». ينتظر أن توازيه اختبارات من نوع آخر فرضها عمق الأزمة الرئاسية، داخل بعض الفرقاء والأحزاب، التي كشفت الأزمة مدى الارتباك في صفوف بعضها، والتصدع في صفوف بعضها الآخر، بهذه الدرجة أو تلك، ومنها «التيار الوطني الحر». فرئيسه النائب جبران باسيل سبق أن استعان بالمؤسس التاريخي لـ»التيار» الرئيس السابق العماد ميشال عون كي يحضر الأسبوع الماضي، اجتماع تكتل «لبنان القوي» من أجل مقاومة «التمرد» على مناوراته وتفرده بالقرار حول الاتفاق مع قوى المعارضة على مرشح واحد، وإثر فشل مراهنته على أن يستدرج «حزب الله» نحو المساومة معه على اسم يختاره هو ويكون مطمئناً لـ»الحزب»، بدل جهاد أزعور… لكن «الحزب» لم يستجب وتمسك بفرنجية.
أبقى على رِجل بالبور وأخرى في الفلاحة كما يصف موقفه بعض المقربين من تياره. وهمه الفعلي والجوهري الحصول على تعهدات من أي رئيس وممن يقف وراءه، بالحفاظ على مكتسباته في العهد الآتي، وعلى وعود بمراعاة مطالبه في المواقع الرئيسة. مراهنة باسيل على التفاهم مع «الحزب» ما زالت قائمة حتى بعد اتفاقه مع المعارضة وبعض «التغييريين» والمستقلين على التصويت لأزعور التي يغلفها بالحديث عن «التحرر من الاصطفافات». ورغم قوله «نريد رئيساً لا يفرضه أحد علينا ولا نفرضه نحن على غيرنا»، استشهد بما قاله رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين عن «ضرورة التوافق، ونحن معه… المقاومة حق لكل اللبنانيين وعنصر قوة للبنان…».
لكي تنجح هذه المراهنة الباسيلية بعد أن يحول «الحزب» دون فوز أزعور بتعطيل النصاب أو بغياب الميثاقية جراء الرفض الشيعي الكامل له، ويوافق على البحث عن مرشح ثالث غيره وغير فرنجية، يحتاج رئيس «التيار الحر» إلى اصطفاف سائر نواب تياره خلفه. ولذلك قال أول من أمس في جبيل وبحضور الرئيس عون: «ما حدا منا أكبر من المؤسسة – ولمّا حدا بيضهر عن قراراتها وبيعتقد أنّه أكبر منها، هي بتردّ الشخص لحجمه وبتفرجيه أنّها أكبر منه، وأنا كرئيس لـ»التيار» مؤتمن على «التيار» وعلى نظامه وعن محاسبة كل فرد او مسؤول بيخرج عنه».
أجّل حضور عون اجتماع التكتل ودعمه لوجهة نظر صهره، انفجار تياره من داخله، لكن باسيل عاد فاستعجله بالتهديدات التي يطلقها لمعارضيه في الصفوف العونية.