كتب أسعد بشارة في نداء الوطن:
لو قيست مواقف «حزب الله» منذ أن رشّح سليمان فرنجية إلى اليوم، لتأكد أنّه يطرح معادلة «إما فرنجية أو الفراغ» مع ملحقاته من مستلزمات الحرب الأهلية. يقول «حزب الله» للجميع «هذا هو رئيسكم»، فانتخبوه، وهو عملياً يمارس فعل الفرض القسري، الذي ستعرّيه أرقام المرشحين الرئاسيين يوم غد الأربعاء، إذا لم يعطل «حزب الله» الجلسة سلماً أو عنفاً.
لم يتوقع «حزب الله» أن ينتقل من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع. بعد تجرؤ جبران باسيل غير المتوقع، أصبح «حزب الله» في موقع الاقلية النيابية الواضحة، وسواء كان الفارق بين أزعور وفرنجية 10 أو 15 صوتاً، فإنّ الفارق هو الفارق، والرمزية ستعني حكماً سقوط ترشيح سليمان فرنجية، في بيروت وباريس، بعد أن سبق للرياض أن حجبت الضوء الأخضر لانتخابه.
لم يتوقع «حزب الله» أن يتجرأ باسيل، على تخطي حاجز رفض فرنجية إلى مرتبة «التقاطع» على مرشح آخر مع قوى مناوئة لـ»الحزب». لم يقدّر «الحزب» أنّ باسيل هو ابن مدرسة ميشال عون التي شنّت حربين في العام 1988، كي لا يخسر متعة الجلوس على كرسي بعبدا. لم يقدّر «الحزب» أنّ باسيل هو ابن مدرسة، نقضت كل ثوابتها وتحالفت معه من أجل كعكة السلطة، وها هي تنقلب عليه، لأنها اعتبرت أنه يقتطع من هذه الكعكة حصة لسليمان فرنجية.
طلب رئيس الجمهورية السابق ميشال عون موعداً من بشار الأسد، ليحمي صهره، وليقول لـ»الحزب» إن لديه في المحور سند وحليف، والأهم ليقول للأسد إنّ الرئيس نبيه بري الذي تكرهه، سيكون عرّاب عهد فرنجية إذا انتخب رئيساً.
يدلّ بيان الرئيس عون الأخير، على أنّه ماض حتى يوم الأربعاء في انتخاب أزعور، والترجمة ستؤدي الى قمع النواب المعترضين الذين سيصوت معظمهم لأزعور، على أن يبنى على الشيء مقتضاه بعد الاربعاء، ولن يتفاجأ أحد بدءاً من «حزب الله» وصولاً الى قوى التقاطع، إذا ما استدار عون في أرضه، ليفاوض «حزب الله» على اسم جديد، بعدما سجّل في مرمى «الحزب» هدفاً هو تعبير عن بوانتاج ضعيف للمرشح فرنجية، لكن هل سيخضع «حزب الله» لهذا الابتزاز، أم سيتجه بعد بوانتاج الاربعاء، إلى تأديب باسيل بتبني مرشح يخشى منه، أكثر مما يخشى من فرنجية؟
أرسلت شخصية ممانعة داعمة لفرنجية، إلى إحدى القوى السياسية المعارضة، رسالة تقول: أنتم مجانين في رهانكم على باسيل، فهو لن يسير بأزعور، وتخطئون الحساب كثيراً في تقدير ما سيقوم به «حزب الله»، إذا ما أجبر على التخلي عن فرنجية، «الحزب بيعمل حرب أهلية وما بيتخلى عن فرنجية».
أثبتت النبوءة الأولى خطأها، فباسيل تخطى الخط الأحمر بهندسة من ميشال عون، الذي ما زال شغفه بالسلطة حاضراً كأنه ابن 18 سنة، وستكون نبوءة الحرب الأهلية بتوقيع من «حزب الله»، على محك الاختبار في الأسابيع والأشهر المقبلة، لكن الأكيد أنّ «حزب الله» الى الآن، يفضّل تحريك كفرشوبا، على تجهيز آلة الفوضى في شوارع بيروت.