
مع ما يحمله من رمزية، حلّ وليد جنبلاط زائراً يوم أمس، في خلوات البياضة الشريفة، وهو الذي درج على زيارته في جولاته الجنوبية بعد التحرير في العام 2000. لكن هذه المرة رافقه ضيف لفت الأنظار لم يظهر الى جانبه من قبل، بقي لصيقاً به طوال الوقت متأبطاً أوراقه وكاميرته.
اتخذ جنبلاط القرار بعد خلعه عبء اليوميات السياسية والحزبية بكتابة مذكراته، حيث علم موقع mtv أن رفيقه الى حاصبيا هو سيباستيان دو كورتوا Sebastien de Courtois، الكاتب والصحافي والباحث الفرنسي، ورسمياً كاتب مذكرات 46 سنة من مسيرة جنبلاط في واحدة من أدقّ مراحل تاريخ لبنان الحديث، والعبور من الحرب الى السلم، كما المشقَات السياسية التي لم تنته ولم تزل.
مهمة دو كورتوا، مواليد مونبلييه في 18 نيسان 1974، لن تكون سهلة وهو يعبر من محطة إلى أخرى، وسط تراجيديا عائلة سياسية كُتب تاريخها بالدم وقُدّر لها أن تحمل الراية في محطات تاريخية كان ثمنها مأساوياً، حين خسرت “عمود السماء” إعداماً في عكا يوم لم يحمل الجبل بشيرين، أو حين سقط رجلٌ بقامة كمال جنبلاط شهيداً بعدما رفض دخول السجن الكبير.
من هنا ستبدأ حكاية سيباستيان مع وليد جنبلاط، وهو الضليع في قضايا الشعوب التي تشبه الدروز، والمتخصص في الأقليات الدينية وعمل في العام 2011 على أطروحة بعنوان “مجتمع ناطق باللغة الآرامية في جنوب شرق تركيا، مقاربات تاريخية وأنثروبولوجية لحالة هوية معقدة”.
سيضاف الكتاب الموعود عن سيرة وليد جنبلاط الى سلسلة من الكتب والمؤلفات للكاتب الفرنسي، الحائز على جوائز عدة أهمها في العامين 2013 عن كتاب Éloge du voyage: sur les traces d’Arthur Rimaud و2016 عن كتاب lettres du bosphore، ولن يكون إصداره الجديد رحلة عابرة وسيحسده اهل الصحافة والقلم على مهمة هي أشبه بمكافأة وتحدٍّ كبير.
لم يختر جنبلاط صحافياً لبنانياً أو عربياً، تماماً كما فعل والده يوم أسرّ بمقابلات خاصة الى الصحافي الفرنسي أيضاً فيليب لابوسترل، وتحوّلت الى أشبه بوصية تحدث خلالها عن نظرية المؤامرة على لبنان منذ عام 1967 والتي أدت الى اندلاع الحرب الأهلية، والتدخل العسكري السوري وأغراضه في لبنان، مستذكراً نشأة الدروز وتاريخهم ومبادئهم ودورهم في الشرق… فهل نحن أمام وصية جديدة؟
فلننتظر مولود Sebastien de Courtois.