كتب طوني فرنسبس في نداء الوطن:
بعد أسابيع من التحليلات والأخبار عن مفاوضات سرية في مسقط والدوحة وأبو ظبي ونيويورك، بين إيران والولايات المتحدة، عاد الإيرانيون إلى الحديث عن توتر في العلاقات مع الغرب ما يطرح السؤال التقليدي: كيف ستعالح طهران هذا التوتر وأين ستردّ خصوصاً أنّ إمكانياتها الخاصة على أرضها لا تمنحها مجالاً واسعاً للحركة؟
الصحافة الإيرانية الموالية للسلطة أشارت إلى «هجمة غربية» جديدة بدأت ملامحها تظهر في الأيام الأخيرة وتهدف لتكثيف الضغط العالمي على إيران مجدّداً.
وفي افتتاحية الصحيفة الأصولية «سياست روز» ، أشار قاسم غفوري إلى أنَّ الهجمة بدأت مع «التقرير المزعوم للجنة تقصّي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ثم شكوى أوكرانيا والسويد وكندا وبريطانيا إلى محكمة العدل الدولية بشأن تعويضات الطائرة الأوكرانية، ليأتي بعدها اجتماع مجلس الأمن لمراجعة القرار رقم 2231 الذي تمت الموافقة عليه بعد الاتفاق النووي، ثم حديث الترويكا الأوروبية في بيان مشترك عن أنّ إيران «ليس لديها مبرر مدني صالح» لتخصيب اليورانيوم على مستوى عالٍ».
تابع الكاتب: «لقد تجاهلت الدول الأوروبية أنَّ إيران أوفت بالتزاماتها النووية على مدى أربع سنوات، في حين انتهكت الولايات المتحدة خطة العمل الشاملة المشتركة».
وقال غفوري إنّ اتهام الترويكا الأوروبية لإيران وروسيا بانتهاك القرار 2231 وبتزويد روسيا بطائرات مسيّرة هو كذب واضح، حيث لم تستطع أوكرانيا ومن معها تقديم أي دليل أو وثيقة تُثبت هذه الادّعاءات، رغم إعلان إسقاط المئات من هذه الطائرات. برأي غفوري فإنّ «هدف الغرب من هذه الهجمة المفاجئة» هو منع رفع الحظر عن الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية.
كان تنقص تحليل الصحيفة الأصولية الإشارةُ إلى عامل آخر يمكن حسبانه في خانة عودة التوتر الإيراني- الغربي وهو إبعاد روبرت مالي عن رئاسة الوفد الأميركي المفاوض بشأن الملف النووي . فالرجل يتّهمونه في الدوائر الأميركية بمحاباة إيران، وإبعاده عن مهمته والتحقيق معه من قِبل المباحث الفدرالية ليسا إشارة جيدة للسلطات الإيرانية. إذا كان لدى القيادة الإيرانية هذا الشعور بتجدّد الضغوط عليها فكيف ستواجهها، بأي وسائل وأين؟ لا تكفي المناورات العسكرية ولا تمتين العلاقات مع روسيا، ولا حتى الانضمام إلى منظمة شنغهاي، لجعل الخصوم يبدّلون موقفهم. ومنذ الثورة الخمينية اعتادت إيران مواجهة هؤلاء بسياسة الابتزاز والرهائن واستعمال أدوات منتشرة في طول المنطقة وعرضها. الآن أيضاً يُرَجحّ لجوء طهران إلى مناطق نفوذها في لبنان وبين المنظمات الفلسطينية لبناء توازنات تسمح لها بالتفاوض من موقع القوة. وهذا ما يسمح بالاستنتاج أن لا رئاسة في لبنان من دون ثمن ولا تهدئة في فلسطين من دون مقابل.
لقد اختصر أحد المشايخ اللبنانيين الموالين لطهران المشهد بفصاحة عندما حسم أنّ «عدم الحوار في لبنان» (للاتفاق على مرشح الحزب الرئاسي) يعني حرباً مع إسرائيل. لم يشرح فضيلته هذه النظرية مليّاً، ربما ليترك المجال مفتوحاً أمام مخيلة منتظري الرئاسة على أكف الدستور والقوانين وسيد نفسه.