كتب أحمد عياش في نداء الوطن:
ظلّ الكلام عن موقف الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله يدور لأسابيع خلت حول تمسّك نصرالله بترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. ولكن فجأة تبدّل الكلام ليشير إلى أنّ ترشيح فرنجية آيل للسقوط عن شجرة «الحزب». فهل من أسباب دعت من وُصف دوماً بـ»صاحب الوعد الصادق» لتخلّيه عن «وعده» لفرنجية؟
من أبرز الدلائل إلى هذه التحولات، أنّ رئيس كتلة نواب «الحزب» محمد رعد، صرّح قبل أيام، أنّ حارة حريك لم تضع «فيتو» على أشخاص كثيرين لأنها تريد «التسويات». وكان هذا التصريح إيذانا بأنّ «رياحاً» رئاسية جديدة «هبّت بما لا تشتهيها سفن» فرنجية. ولعل الأخير أدرك أخيراً ما تذهب إليه الضاحية. فكان أن طلب من نجله النائب طوني أن يزور مقر حزب «الوطنيين الأحرار» في السوديكو كي يقول إنّ خياراته خارج مقر الضاحية أيضاً.
وقبل تصريح رعد بفترة تمتد إلى أول أيار الماضي، كان «الحزب» متردداً في ترشيح فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى. لكن في ذلك التاريخ بادر رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تسمية فرنجية مرشحاً لـ»الثنائي الشيعي» في مواجهة النائب ميشال معوّض مرشح المعارضة. وبدت خطوة بري في نظر «الحزب» بمثابة احراج للأخير الذي لم يكن مستعجلاً لحسم خيار الترشيح. والسبب أنّه كان مهتماً في تدوير الزوايا مع باسيل الذي رفض بشكل قاطع قبل ذلك خيار رئيس «المردة». هناك الكثير من المعطيات التي تشير إلى أنّ أحوال «الثنائي الشيعي» ليست على ما يرام في الشأن الرئاسي. لكن ما يهم اليوم هو كيف اضطر نصرالله لإشهار تبني ترشيح فرنجية، وكيف يستعد اليوم لإشهار تخليه عنه.
يقول برلماني عتيق من أصدقاء نصرالله إنّ مأزق زعيم «حزب الله» هو أنّه حشر نفسه في زاوية «إعطاء كلمة» لفرنجية. في وقت بدا أنّ هناك استحالة لتنفيذ هذه «الكلمة». وظهر ذلك جلياً في 14 حزيران عندما تفوّق مرشح تقاطع المعارضة جهاد أزعور على مرشح «الثنائي» فرنجية في الجلسة الـ12 للانتخابات الرئاسية. لكن وبالرغم من ذلك ثابر «الحزب» على التمسك بخياره الرئاسي. وهذا ما جعل البرلماني السابق وكثيرين غيره يستغربون هذا «العناد» السياسي.
في المقابل لن يطول الوقت، حتى يتبيّن أنّ نصرالله مستعد للتراجع عن كلمته إذا اضطر لذلك. ومن أشهر السوابق ما جرى عشية الانتخابات النيابية الشهيرة عام 2008. في ذلك الوقت قال نصرالله إنّ «من ينتصر يحكم». انتصرت قوى 14 آذار ونالت أكثرية مقاعد البرلمان لكنها لم تحكم.
ما مضى قد مضى، فماذا عن اليوم؟ منذ عام 2005 عندما أبرم الجنرال ميشال عون صفقة عودته من منفاه الباريسي وفق دفتر شروط «حزب الله»، لا يزال الأخير يثق بأنّ «التيار» شريك لا يستغنى عنه. وفي محطات عدة منذ 18 عاماً، أثبت الشريك البرتقالي أنّه مستعد لـ»ينصر» فرع الحرس الثوري الإيراني في لبنان «ظالماً أم ظالماً». باعتبار أنّ «الحزب» لم يكن في يوم من الأيام منذ عام 2005 «مظلوماً». ويكفي هنا الإشارة إلى وقوف «التيار» إلى جانب «الحزب» رفضاً للعدالة الدولية في جريمة اغتيال رفيق الحريري عام 2005. كما وقفا معاً ولا يزالان ضد هذه العدالة في جريمة انفجار مرفأ بيروت عام 2020.
لذلك، وردنا من «منصة صيرفة الضاحية» الرئاسية، أنّه تمّ بيع فرنجية مقابل شراء باسيل بسعر سيعلن لاحقاً.