كتب يوسف دياب في الأنباء:
دخل الملف القضائي لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة دوامة تعطيل لا أفق لها، جراء الدعوى التي تقدم بها وكيل الدفاع عن سلامة المحامي حافظ زخور أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، لمخاصمة الدولة اللبنانية على «الخطأ الجسيم الذي ارتكبه قضاة الهيئة الاتهامية في بيروت، جراء قبول الهيئة الطعن المقدم من رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، بقرار قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، الذي ترك فيه سلامة رهن التحقيق وطلبت (إسكندر) استجواب الحاكم السابق وإصدار مذكرة توقيف بحقه».
دعوى المخاصمة جاءت من خارج التوقعات، فالهيئة الاتهامية برئاسة القاضي ماهر شعيتو، كانت أبلغت سلامة لصقا بموعد الجلسة، وتحضرت لاستجوابه في حال مثوله لتتخذ بضوئها القرار حاسم، إما بإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه استجابة لطلب رئيسة هيئة القضايا، أو تصديق قرار قاضي التحقيق، وفي حال تغيبه الاتجاه لإصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، لكن الجميع فوجئ بحضور المحامي زخور ودخوله مكتب القاضي شعيتو، وتسليمه نسخة عن دعوى المخاصمة المقامة ضده، ما دفع برئيس الهيئة إلى إعلان رفع يده عن الملف فورا.
وتضمنت دعوى المخاصمة، أن «الهيئة الاتهامية اعتبرت قرار تأجيل استجواب سلامة من قبل قاضي التحقيق، ينطوي على قرار ترك ضمني بتركه». ورأت أنه «لا يحق للهيئة الاتهامية كونها مرجعا استئنافيا لقرارات قاضي التحقيق أن تتصدى للملف وتستدعي المدعى عليه لجلسة أمامها من أجل استجوابه أو التوسع بالتحقيق معه، ما يجعل قرارها باطلا شكلا وأساسا، إذ لا يمكن للهيئة أن تستجوب مدعى عليه لايزال استجوابه قائما أمام قاضي التحقيق، وعندها تصبح القضية عالقة أمام مرجعين قضائيين يستجوبان الشخص نفسه في الدعوى ذاتها». وأكدت الدعوى أنه «كان يفترض بالهيئة الاتهامية عوض أن تعين جلسة لاستجواب سلامة، أن تحيل الأوراق على النيابة العامة لإبداء رأيها بأمر التوقيف فتكون بذلك صححت خطأ قاضي التحقيق لناحية عدم استطلاعه رأيها بأمر التوقيف».
وشملت دعوى المخاصمة الهيئات الاتهامية الثلاث التي تعاقبت على الملف خلال العطلة القضائية، واعتبر وكيل سلامة، أنه «مجرد أن تحدد هذه الهيئات مواعيد لاستجواب سلامة يعني أنها أقرت بقرار الهيئة السابق الباطل أصلا وبالتالي يتوجب مخاصمتها مسبقا».
وتضاربت الآراء القانونية حول مدى التعطيل الذي سيلحق بهذا الملف، ورأى مرجع قانوني أن الملف «سيبقى مجمدا إلى حين تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز المعطلة منذ أكثر من عام، بسبب إحالة ستة من أعضائها العشرة على التقاعد، وفقدانها النصاب القانوني». على أن الأمر «ينتظر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإجراء تشكيلات قضائية، حتى تصبح الهيئة العامة مكتملة».
فيما أوضح مصدر قضائي لـ «الأنباء»، أن «إعلان القاضي شعيتو رفع يده عن الملف، لا يعني وقف الإجراءات إلى ما لا نهاية، إذ يحق قانونا للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله أن يسمي هيئة اتهامية جديدة للبت بملف سلامة»، لكن المصدر عاد واستدرك بأن «فريق الدفاع عن سلامة سيتقدم بدعوى مخاصمة ضد أي هيئة جديدة، لأنه يعتبر أن أي قاض يقبل النظر في هذا الملف، يعني أنه تبنى الخطأ الذي ارتكبته الهيئة الاتهامية الأولى».