
كتبت: كفا عبد الصمد
يكثر الحديث في الفترة الاخيرة عن المثليين، وتنشط وسائل الاعلام في نقل صورة الضحية عن هذه الفئة التي كانت حتى الامس القريب، مجرد ظاهرة لها اسبابها ومعطياتها، النفسية والاجتماعية والجسدية والسلوكية. الشذوذ بالمعنى الحرفي للكلمة هو كل ما يقوم على خلاف ما اعتادت عليه الطبيعة البشرية، لكن في جوهر المعنى، الشذوذ هو حالة نفسية بالدرجة الاولى واحيانا طبية، تتطلب نوعا من الدراية الكافية في كيفية مواجهتها والتعامل معها.. تضييق الخناق عليهم له مفعول موازي للتعامل شبه الطبيعي، كما يحدث اليوم، ولا اعني في كلامي بلدا محددا او منطقة محددة، بل على مستوى العالم. وهذه الظاهرة قديمة بقدم البشرية، والشذوذ موجود لدى جميع مخلوقات الكون، لغاية يجهل اي فرد منا تفسيرها مهما علا شأنه او تميز بعلمه. لكن ان تأتي في وقت يقف العالم قاب قوسين من تغيير مناخي قد يقلب نوعية الحياة على كوكبنا، وفي زمن اعادة تقاسم النفوذ وانتشار الاوبئة والحروب، فضلا عن التهديد اليومي بالحرب النووية، يجعل الامر يدعو للشك، ويبدو ان ما يتم خلف الكواليس او تحت الطاولات، في مطابخ السياسة العالمية، يجعل طرح السؤال عن توقيت التحدث بهذه الظاهرة مشروعا.
واذا كانت بلاد مثل كندا شرعت حياة طبيعية لفئة غير طبيعية من البشر، ووضعت ضمن اسئلة طلب الهجرة لديها، هل انت مع المثلية او ضدها؟ وطبعا اجابتك قد تساهم في حصولك على الفيزا، متى كانت تتوافق وقوانين البلد، يجعلنا نقف مع انفسنا لنشرع اسئلة ما كان لها مكان في الماضي، لأننا مؤمنين بحق كل شخص باختيار الحياة التي يريدها وبالشكل الذي يريده..
اليس ما يحصل على مستوى تجارة الاسلحة واستباحة النووي شذوذا يتطلب وقفة سريعة للحد من اخطاره؟
اليس انتشار الامراض المفبركة والادوية المسرطنة اوجب للبحث واكثر خطرا على البشرية؟
اليس وقف الحروب وعدم البحث عن ثروات الشعوب وتدميرها بغية اغتصاب ما تملكه احق لطرحه؟
اليس من الافضل البحث عن العائلة وتثبيت الجذور العائلية مهمة اسمى من مهمة الدفاع عن الشذوذ في زمن بات كل شي فيه شاذا…
سمعتها تقول وبصوت مرتفع، حمدالله ابني نسونجي، تفاخر بان ابنها ميوله سليمة ولم تنال من رجوليته ظاهرة التشبه بالآخر والتحول الى مجرد ترند على مواقع التواصل حتى لو كان على حساب قناعاتنا وثقافتنا وتربيتنا.. ابنها نسونجي وتفتخر، انظروا الى اين ارادوا بنا الوصول، تماما كما حالنا في لبنان نقول الحمدالله زمطنا من انفحار، من حادث سير، من دواء مسرطن، من مستشفيات تحولت الى منتجعات للموت، من فقر وجوع وعوز، الحمدالله زعيمنا منيح ونحن نتنفس والباقي ليس بمهم..
لست من مناصري جماعة قوس قزح (مع العلم أن هناك اختلاف بين الوان قوس وقزح والعلم الذي اختاروه ليعبر عنهم، لكنهم عرفوا كيف يسوقوا لأنفسهم بمساعدة الاعلام طبعا)، وارفض كل ما هو خارج عن الطبيعة، لكني انشغل بأمور اكثر جوهرية من منع حفلة هنا او اقفال مكان هناك لان فيها ترويج لشذوذ نعيش في قلبه ولا نريد الاعتراف..
العلاقة الجنسية تبرز علاقتنا مع جسدنا، تماما كالصلاة التي تبرز علاقة روحنا مع خالقها، ليس من شأن احد ان يتدخل بها او يجاهر بالمدافعة او بالاتهام.. لا يحق لنا التحدث عن الشذوذ الجنسي ونحن يحكمنا شذوذ اخلاقي وسياسي وديني لا يعترف به دستور ولا يبيحه قانون…
هدئوا من روعكم، واعملوا على تفادي الاسباب التي قد تودي بأولادكم الى الشذوذ، طالما لا يوجد هناك عيب تكويني يفرض نفسه، ابحثوا عن السبب وعالجوه، كونوا مع اولادكم والى جانبهم، تصادقوا معهم واحبوا شخصياتهم كما هي ولا تعيبوا بسلوكهم، كي لا تقودونهم بشكل مباشر الى حيث تخافون، الى عالم الشذوذ… وللأسف سيدتي قد اتحول مثلك اذا ما استمر العزف على هذه الانشودة، ولان النق على الودان امر من السحر، قد اجاهر يوما مثلك تماما بان ابني نسونجي الحمدالله، لم تنال منه موضة المثلية ولم يقع في فخ نصب لنا كي نتلهى عن ما هو اهم واعظم، وكي نغض نظر عن ما يحاك لنا في الخفاء…