كتب صلاح سلام في اللواء:
الأجواء الإيجابية التي أطلقتها زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي ألى الجبل، تلبية لدعوة شيخ العقل الدكتور سامي أبي المنى، أحوج ما يكون الوضع السياسي المتوتر إليها، عشية وصول الموفد الفرنسي لودريان إلى بيروت، وبُعيد دعوة الرئيس نبيه برّي للحوار والإنتخاب في جلسات متتالية ومفتوحة.
زيارة سيد بكركي إلى الجبل تُعتبر إنجازاً لسياسة الإنفتاح والتهدئة والحوار، التي ينتهجها شيخ العقل أبي المنى في التعاطي مع الملفات الوطنية في المرحلة الصعبة التي يمر بها البلد، في ظل هذه الإنقسامات العامودية، والخلافات المستحكمة بين الأطراف السياسية والحزبية، والتي أدّت إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسية، وتمديد فترة الشغور الرئاسي.
مصالحة الجبل نجحت وصمدت، رغم الرياح الداخلية والخارجية التي عصفت بالوضع السياسي، وتسببت بإهتزازات متكررة، كان آخرها سلسلة الإنهيارات الإقتصادية والإجتماعية والمالية، خاصة بعد إنتصار الثورة المضادة على إنتفاضة ١٧ تشرين ٢٠١٩، وما أعقبها من الإنفجار الزلزالي في مرفأ بيروت.
ولكن المشكلة أن تلك المناخات الإيجابية لم تصل إلى الساحة السياسية المشتعلة منذ فترة، بخطابات نارية، طغت عليها المزايدات الشعبوية، وعطّلت مفاصل الدولة، وفاقمت حالة الضياع والتسيّب المالي والإقتصادي، وغيّبت السلطة الشرعية، وأطلقت يد المنظومة الفاسدة في نهب موارد الدولة، وإفلاس الخزينة.
الدعوات الجنبلاطية المتكررة للذهاب إلى «تسوية ما»، عبر فتح قنوات الحوار بين محوري المعارضة والممانعة، للتوصل إلى صيغة متوازنة تكون قادرة على فتح أبواب قصر بعبدا، لم تلقَ التجاوب المطلوب من القوى السياسية الأخرى، الأمر الذي أبقى أبواب الأزمة السياسية مفتوحة على مصراعيها، في حين بقي قصر بعبدا مقفلاً.
فهل يُحضر لودريان مفتاح بعبدا معه من باريس، أم أن أجواء مصالحة الجبل ستصل إلى طاولة برّي للحوار والإنتخاب، وتساعد المسار على الوصول إلى «حل ما»؟