أطلقت الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي رواياتها «تفصيل ثانوي» عام 2017، التي ترشحت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية التي تمنحها مؤسسة مان بوكر في لندن عام 2021، وكادت تحصل على الجائزة الثانية، لولا تحيز بعض الدول بسبب طوفان غزة.
الوعد بالجائزة ثم التراجع المفاجئ عن القرار، خطوات لخّصت موقف معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، الذي يكرّم الكاتبات عن الأعمال التي تُنشر حديثًا باللغة الألمانية، وذلك بعدما وعدت جمعية LitProm، وهي مؤسسة تعمل منذ 40 عامًا على الترويج للأدب والمؤلفين من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والعالم العربي، بمنح الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي جائزة LiBeraturpreis، في الـ20 من أكتوبر الجاري.
حظيت رواية شبلي «Ein Nebensache» بإشادة كبيرة من بعض النقاد، وفقًا لـ«نيويورك تايمز» و«دويتشه فيله»، كما نُشرت ترجمتها الإنجليزية، بقلم إليزابيث جاكيت في عام 2020 وتم إدراجها في القائمة المختصرة لجائزة الكتاب الوطني للأدب المترجم لعام 2020، كما تم إدراجها في القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية في العام التالي، فيما انتقدها بشدة آخرين باعتبارها رواية معادية للسامية وإسرائيل.
وتساءلت صحيفة «Tagesanzeiger» في زيورخ بألمانيا: «في هذه الأوقات، هل يمكن تكريم رواية تصور إسرائيل كآلة قتل بجوائز؟» فيما طُرح سؤال استنكاري ثان وهو: «كيف ينبغي التعامل مع الأدب الذي يُزعم أنه يجلب المشاعر المعادية لإسرائيل ومعاداة السامية إلى المشهد الثقافي؟!».
وتزايدت حدة الانتقادات المماثلة، بعد مسيرات في شوارع ألمانيا، زعمت الصحيفة الألمانية أنها مؤيدة لهجمات حركة حماس ضمن طوفان الأقصى على مواقع يقطنها إسرائيليين بالأراضي المحتلة، وقالت صحيفة «تاز» الألمانية اليومية: «بدلًا من البقلاوة (الحلوى) المقدمة للمارة الذين يبتهجون بمقتل المدنيين الإسرائيليين يتم تقديم الجوائز أيضا».
وقبل تلك الهجمات الصاروخية، أعلنت الجمعية فوز رواية شبلي بالجائزة عبر بيان، وقالت: «عمل فني مؤلف بدقة يحكي عن قوة الحدود وما تصنعه الصراعات العنيفة بالإنسان»، ولكن حتى عندما تم اتخاذ القرار بشأن الفائز بالجائزة في صيف عام 2023، أثار ذلك جدلًا، حيث غادر الصحفي أولريش نولر من هيئة الإذاعة العامة الألمانية WDR احتجاجًا في ذلك الوقت.
تمر أيام، وتخرج الجمعية LitProm لتعلن قرارها الجديد قائلة: «بسبب الحرب في إسرائيل تقرر إلغاء حفل توزيع الجوائز»، حسبما كتبت الجمعية على موقعها الإلكتروني الرسمي، وأضافت خلال البيان: «لا أحد يشعر برغبة في الاحتفال في الوقت الحالي». فيما قال مدير معرض فرانكفورت للكتاب ورئيس الجمعية المنظمة LitProm، يورجن بوس، مُعلقًا على الهجمات قائلاً: «إننا ندين الإرهاب الهمجي الذي تمارسه حماس ضد إسرائيل بأشد العبارات الممكنة».
وقال: «نحن ندين بشدة هجمات حماس ضد إسرائيل.. الإرهاب ضد إسرائيل يتناقض مع كل قيم معرض فرانكفورت للكتاب، الذي يقف «تضامنا كاملا إلى جانب إسرائيل». وأضاف أن «المعرض يرغب في إبراز الأصوات اليهودية والإسرائيلية بشكل خاص».
ولكن أعلنت جمعية النهوض بالأدب من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية رغبتها في منح جائزتها لرواية عدنية شبلي «Ein Nebensache» رغم الانتقادات، وكانت جمعية المؤلفين PEN Berlin علقت في وقت سابق على انتقادات الكتاب، وقالت إيفا ميناسي، المتحدثة باسم نادي القلم في برلين: «لا يوجد كتاب يصبح مختلفًا أو أفضل أو أسوأ أو أكثر خطورة بسبب تغير الوضع الإخباري».
وأضافت: «إما أن يكون الكتاب يستحق جائزة، أو لا يكون كذلك، قرار لجنة التحكيم بشأن شبلي، والذي صدر قبل أسابيع، كان في رأيي قرارًا جيدًا للغاية، وسحب الجائزة منها سيكون خطأً جوهريًا، من وجهة نظر سياسية، فضلا على أن تكون وجهة نظر أدبية».
هيئة الشارقة واتحاد الناشرين العرب
وردًا على قرار معرض فرانكفورت الدولي، أعلنت هيئة الشارقة للكتاب، انسحابها بسبب إعلان المعرض دعم إسرائيل وإلغاء التكريم للكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي، والذي وصفته الهيئة في تدوينة عبر حسابها على منصة «إكس»: «تحيزًا سياسيًا وإلغاء لدور الحوار الذي تشجعه الثقافة»، داعية لإبراز دور الثقافة والكتب في تشجيع الحوار والتفاهم بين الناس.
كما أعلن اتحاد الناشرين العرب في خطاب رسمى موجّه، ليورجن بوس، الرئيس والمدير التنفيذي لمعرض فرانكفورت الدولى للكتاب، قرار انسحاب اتحاد الناشرين العرب من المشاركة في المعرض، قائلًا: «إن اتحاد الناشرين العرب يعرب عن أسفه العميق لموقفكم المنحاز وغير العادل تجاه الأحداث المأساوية التي تشهدها المنطقة، حيث يعيش الشعب الفلسطيني تحت أطول احتلال في التاريخ الحديث، وهو الاحتلال الذي تحول إلى نظام الفصل العنصري الذي تمارس أقصى الضغوط وتجعل من غزة سجنا مفتوحا لأكثر من 2.2 مليون شخص، بالإضافة إلى أن أكثر من 1900 فلسطيني استشهدوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الستة الماضية».
وتابع الاتحاد: «أكثر من 10% منهم من الأطفال. نحن بالتأكيد ندين أي اعتداء على مدني من أي جهة كانت ولكن النظر إلى القضية من زاوية واحدة والقبول بهذا الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ عقود هو خطأ كبير علاوة على ذلك، فإن تصريحاتك لا تعكس على الإطلاق العلاقات العربية الاستثنائية التي تطورت على مر السنين بين إدارات معرض فرانكفورت للكتاب والناشرين العرب في ضوء موقفكم، قرر اتحاد الناشرين العرب سحب مشاركته في معرض فرانكفورت للكتاب 2023».