خاص ليبانون عاجل:
ربّ ضرّة نافعة.. مثل توارثناه عن الأجداد، وشكلت الأوضاع الاقتصادية التي بدأت تفرض ظلالها على المواطن وخاصة أصحاب الدخل المحدود، تحديا حقيقا أمامنا محاولين البحث عن خطط تخفف من الأعباء وتقدم مساعدة للمجتمع والبيئة والمواطن، ولتؤكد أن النور يعرف دائما طريقه وسط الظلام، متى اجتمع الطموح مع الإرادة والإصرار. وهكذا كانت البداية، مجموعة من الشباب والصبايا، عانوا كغيرهم من الأزمة الاقتصادية، وتلمسوا معاناة الآخرين، وبدؤوا بطرح جملة من الأفكار، للوقوف الى جانب العائلات التي أرهقتها الظروف ودمرت بنيتها الاقتصادية. جاءت الفكرة الأولى بتقديم حصصا غذائية للعائلات المحتاجة، واستمر الوضع على ما هو عليه فترة، لكن هذا الأمر غير كافي ولا يؤمن استمرارية، من هنا ولدت فكرة “دكانة الناس”، مشروع تجاري بيئي اجتماعي تربوي، يقدم المساعدة في مكانها الصحيح من دون أي منة أو إذلال.. تشتري بقدر ما تسمح لك جيبك بالشراء، توفر عليك القليل الكثير، وتساعدك في مد بساطك على قدر لحافك، في محاولة للتخفيف من أعباء الظروف الصعبة التي تعصف بالبلد.
شيرين الحسنية شريك مؤسس في “دكانة الناس”، خصت موقع ليبانون عاجل بشرح مفصل عن الفكرة، أهدافها وخططتها المستقبلية، خلال الحفل الأول الذي نظمته الدكانة بمناسبة مرور سنة على ولادتها. وأكدت: “أن العمل على توزيع حصصا غذائية للعائلات المحتاجة والتي تضررت اقتصاديا نتيجة تفشي الجائحة او حرمت من عملها، رغم قدسيته غير أنه يبقى ظرفيا لا أفقا واسعة له، وبالتالي لا يمنحنا ما كنا نبحث عنه ميدانيا، بمعنى أننا نريد تقديم المساعدة، بأي شكل وفي جميع الظروف لكن من دون اشعار الآخر بأي نوع من الارتهان لنا أو الحاجة أو الذل. ولأن عملنا كان فرديا وكنا نوزع الحصص الغذائية بمساعدة المغتربين وأصحاب الأيادي البيضاء، وبالتالي سيأتي يوما سنعجز فيه عن تأمين كمية مناسبة من الحصص خاصة وأن الوضع الاقتصادي في تدهور مستمر والعائلات المحتاجة في تزايد تصاعدي، ولدت فكرة “دكانة الناس”.
ويقوم المشروع على ثلاثة عناصر أساسية، أولا تقديم مواد يحتاجها المستهلك، مواد تنظيف وبعض المواد الغذائية، بتكلفة أقل لأننا نحصل على المنتج من المصنع ونبيعه للمستهلك من دون تغليف أو توضيب وبالتالي نوفر عليه تكلفة ثمن العبوة واسم الماركة، ونقدم له جودة مماثلة بسعر أقل.
ثانيا” نقدم للمستهلك ما يحتاجه فقط، بمعنى إذا كنت تملك ثمن نصف ليتر من الزيت النباتي، لست مضطرا لشراء 2 ليتر، تحصل على الكمية التي تتناسب ونقودك.
ثالثا” وهي النقطة الأهم أننا لا نضع أرباحا خيالية، ونكتفي بنسبة بسيطة تضمن استمراريتنا، وكوننا نجلب كميات كبيرة ومن المصنع مباشرة فان الكلفة علينا تكون أقل بكثير”.
ماذا تقدم “دكانة الناس”
تقول شيرين: “بدأنا بمواد تنظيف وزيت نباتي، وأصبح اليوم لدينا جميع أنواع مواد التنظيف التي تستخدم في المنزل بالإضافة الى زيت نباتي وزيت زيتون وطحينة وخل تفاح، خل عنب، حمص، برغل، قمح، فريكة، عدس بالإضافة الى السكاكر التي يحبها الأولاد ومختلف أنواع المكسرات. لأننا ندعم الإنتاج المحلي، الدكانة تضامنية واقتصادية وبيئية، نوفر على الناس ونوفر على البيئة ونخدم المجتمع، التضامن عنوان رئيسي وأساسي نعمل على تعزيزه من خلال ما نقدمه في مشروعنا، والأهداف كثيرة لأن طموحنا لا يعرف حدودا والآتي سيكون له وقعا مختلفا، لهذا نسعى إلى افتتاح مراكز جديدة ونعمل على تطوير منتجاتنا وزيادة الأصناف وتنويعها والحفاظ على روحية الدكانة وتعزيز ما يقودنا إلى الغاية المرجوة”.
اقتصاد بيئة مجتمع
ولدى سؤالنا عن هذه الثلاثية، أجابت شرين الحسنية: “تقوم فكرة الدكانة على هذه الأسس الثلاثة، يهمنا خدمة المجتمع وكل الأشخاص الذين يتوافقون معنا في تعزيز الأفكار التي تساعد على حماية البيئة، كما نساهم في مساعدة الاقتصاد الوطني كون جميع منتجاتنا لبنانية المصدر، نشجع المنتج المحلي ولا نستعين بأي منتج أجنبي. إضافة إلى حماية البيئة من خلال التقليل من استخدام عبوات البلاستيك، وقد نجحنا خلال سنة واحدة من توفير 3 طن من البلاستيك، ما سينعكس إيجابا على خدمة البيئة وحمايتها”.
ولكن ماذا عن التمويل، الا يحتاج هكذا مشروع الى تمويل، تقول شيرين: “دكانة الناس تعاونية يمكن للأفراد الحصول على أسهم فيها، تخولهم الحصول بالتالي على حسومات عند الشراء. التمويل جاء من قبل بعرض الأفراد هذا فضلا عن الدور الذي لعبه المغتربون، ثقتهم فينا وبما نريد إيصاله ترجمت الى دعم لا محدود، وقد ساهموا بشراء أسهم وهذا حقق دعما كبيرا، وساعدنا على المضي قدما في تحقيق أهدافنا”.
على قد بساطك اشتري اغراضك
تلاحظ لدى وجودك في دكانة الناس، عبارات كثيرة على الحيطان، تدعمك من دون أن تشعر، ولا تفكر في المال الذي بحوزتك لأنه سيكفي مهما كان قليلا في شراء أقلها ما تحتاجه آنيا، وتؤكد الشريك المؤسس للدكانة شيرين الحسنية، أن هذه العبارات تساهم في تقليص المسافة بيننا وبين المستهلك، وتزرع بداخله نوعا من الطمأنينة، بأن التكلفة لن ترهقه، وأنه قادر على تأمين ما يحتاجه رغم ظروفه الصعبة.
وتضيف شيرين: “طموحنا كبير وبمشاركة العديد من المبادرات البيئية والتربوية التي نتشارك معها طريقة التفكير، يمكننا صناعة فرقا. كل هذه المبادرات قادرة على تأمين حاجز صد قوي لأي أزمة اقتصادية قد تعصف بالبلاد أو تؤثر علينا، نحاول قدر المستطاع التخفيف من الأعباء على المواطن مع الحفاظ على البيئة وخدمة الاقتصاد”.