سلايداتمقالات

لا اعرف بماذا أجيبه؟!

كتبت: كفا عبد الصمد
خلال جلساتنا الصباحية يوم العطلة، ندردش في كثير من الامور، يفاجئني عادة بأسئلة لا اجد دائما ردا مناسبا لها، لكن هذه المرة وخلال “صبحيتنا” المعتادة، سألني ابن التاسعة، بكثير من الاستغراب، ماما روسيا بتحب فلسطين؟
اجبته بشيء من الخجل، نعم..
طيب ليه ما بتضرب اسرائيل وبتساعد الولاد حتى ما يموتو..
لم اعرف بماذا اجيبه، حاولت التملص من الاجابة وطرح مصطلحات كبيرة تلهيه عن السؤال الحقيقي، علني انجح في الافلات من اصراره على معرفة الاسباب التي تمنع روسيا والدول العربية والعالم الحر بأجمعه، من التصدي لهمجية اسرائيل ووحشيتها…
ماما لم تجيبني؟
انها لعبة تبادل مصالح يا بني.. حين يناسبهم الخلاف ويخدم مصالحهم، يؤججون النار داخل النفوس المحضرة سلفا للتصادم، وحين يناسبهم تلاحمنا ينادون بالوحدة والاخوة وتصبح الانسانية دينهم…وماذا يعني مصالح؟
تبادل مصالح يعني حين تعمل على ارضائي عندما تكون مخطئا كي تتفادى العقاب..
لكن هل إسرائيل تعاقب روسيا اذا دافعت عن أطفال فلسطين؟
مممممم، هي لن تعاقبها بمعنى العقاب لكن تتوقف المصالح المشتركة بين القوى العظمى كلها في العالم، تماما كما يفعل والدك الذي يساندني في خلافي معك ليس ايمانا منه بصوابية رأيي إنما لأنه لا يريد خسارة مصالحه معي..
يعني ما بترجعي بتعملي الاكل الي بحبه.. تماما بني، وهذا ما يسمى تبادل مصالح، يجاريني كي لا يخسر مصالحه معي حتى لو كنت ظالمة بحقك وانت على حق…
لا اعلم اذا كنت وضحت له الفكرة بطريقة مناسبة، لكني أقلها نجحت في منع عني وابل الأسئلة التي لا إجابات لها..
اذا كان الواقع مريرا لا شك ان ما يحاك خلف الكواليس وفي الخفاء اشد مرارة، لا تصدقوا ان اطفال غزة ستجعلهم يحاسبون الشر المطلق، ولا تتوهموا يوما ان تمحي الصور القاسية اتفاقيات السلام المعلنة والسرية منها، نحن امة بعنا القضية منذ زمن، حين نجحوا في تفرقتنا، واذا اردنا البحث في جوهر هذه الحرب، لطرحنا بدل السؤال اسئلة وكلها مشروعة، لكن ما يبقى في الباطن يدفنه الباطن ويمحيه الزمان، وتتخطاه ذاكرة الاوطان.. اليوم نحن امام مجزرة وابادة جماعية، واذا كانت كل الدماء التي سفكت وكل القهر الذي حصل سيوصلنا الى نتيجة حتيمه رسمتم خطوطها العريضة تحت الطاولة قبل ان تظهروا الى العلن بالصورة التي عليها، كان من الاجدى ان تفرضوا علينا مخططاتكم ولا تجعلوا منا وقودا لنار اكلت الاخضر واليابس.. لا اعني بكلامي جهة معينة، ولا فصيل محدد، ما يقوم به شباب فلسطين مقدس ولا غبار على وطنيتهم، لكن عندما تهدأ الامور سيكون الحل على حساب دمائهم واحلامهم وعروبتهم المبعثرة…
لا اجرؤ على التفكير كيف يعيش ابناء غزة، وكيف تمضي عليهم تلك الساعات، واذا كان هناك من قيامة حقيقية لا شك انهم اختبروها قبلنا، ورغم ذلك لا زالوا صامدين، ونحن الذين نعيش على هامش القضية نكتب ونعلق ونعترض وندعي المقاومة بينما في الواقع شعب فلسطين وابناء غزة افتدوا الأمة بدمائهم، وقدموا قرابين طاهرة على مذبح تسوية تطال الشرق الاوسط، وحين تهدأ زحمة الشعارات والوطنية الظرفية في داخلنا وتفرض علينا التسوية، ستطفأ الكاميرات عن غزة، تعود الام تلتمس وجود ابناءها في صور خاطفة، ويعود الطفل اليتيم يبحث عن حضن بديل، ويعود العجوز ليروي بطولة شعب توقفت عند حدود الصفقات، وتعود غربان غزة تحوم في الفضاء تبكي قصة كانت لتكون حقيقية لولا اننا في عالم لا يملك من الانسان سوى اسمه، عالم يسعى لتحقيق مصالح ضيقة وشخصية حتى لو على اشلاء شعب باكمله…
لم اعرف كيف افسر له تبادل مصالح، ولماذا لم تقف حكومات الدول المتطورة في وجه وحشية قاتلة منذ اول يوم، حين تبين للعالم باسره ان اسرائيل تستخدم اسلحة محرمة دولية، لماذا لم تنتفض الديمقراطية العالمية وحقوق الانسان عندما ضرب مستشفى يحمي العزل والمرضى والاطفال، لماذا ولماذا ولماذا؟؟ اسئلة اجوبتها سر من اسرار السياسة العالمية التي غالبا ما نكون وقودا لنار تلزمهم عند الضرورة…
حمى الله الانسان على هذه الارض وجنبنا غضب السماء وخيانة الأرض…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى