جاء في جريدة النهار:
لا يمكن أن نعيش بمعزل عما يحصل في غزة، نحن من تجمعنا بأهالي فلسطين صلة الدم والقرابة والعروبة، وبعد محاولات عدة لزج اسم طائفة الموحدين الدروز لاستهدافها وتصويرها أنها داعمة لكيان العدو، كانت هناك العديد من التصريحات التي شجبت مثل هذه التصرفات والتي تندرج ضمن لائحة الحرب الوحشية التي تقوم بها إسرائيل على الأديان والثقافات المختلفة الإسلامية والمسيحية. وأشار المستشار الإعلامي لشيخ العقل الشيخ عامر زين الدين في مقالته في صحيفة النهار اليوم، إلى أن يد الإجرام الإسرائيلية وبعد ما قامت به من قصف وتدمير للمساجد والكنائس في غزة وتدنيسها المسجد الأقصى أقحمت راية الموحدين الدروز وبعض أهازيجهم في تلك الحرب، وهذا مؤشر واضح على أن حربها دينية صليبية ويهودية ضد الإسلام، مستفيدة من الدعم الغربي والأوروبي.
واكد إلى أن رفع الراية المخمسة الألوان على ملالة عسكرية متوجهة الى غزة فيما راح مستوطنون يبثون من خلال سيارة تجوب الشوارع الأناشيد الدرزية، لدقّ إسفين بين الدروز وشركائهم من باقي عرب ال 48 المسلمين ومحاولة إقحامهم في تلك المعركة العسكرية الحاصلة. واصلا منذ حلّت الطائفة في بلاد الشام فجر تاريخ الفتح العربي والاسلامي عندما قدم ابناؤها كعشائر عربية وعلى شكل ألوية لكل منه رايته ولونه، دفاعا عن الساحل والثغور بوجه الفرنجة، وتوّحدت الألوان بعدئذ ضمن علم عُرف بالمخمّس، لم تتبدّل ثوابت طائفة الموحدين الدروز بالنسبة للعروبة والإسلام.
واعتبر زين الدين أن موقف الرئيس الروحي للطائفة في فلسطين الشيخ موفق طريف، والذي دعا فيه الى “إحلال السلام بدلا من الحرب، سلكا على نهج الاسلاف بأن يبقى أبناء الطائفة بناة جسور تقارب وتلاقي بين سائر المذاهب”، متزامنا مع الموقف ذاته لسماحة شيخ عقل طائفة الموحدين في لبنان الدكتور سامي أبو المنى الذي بدوره دعا إلى جلسة استثنائية للهيئة العامة للمجلس المذهبي في دار الطائفة وأكد خلالها على الموقف الواضح إلى جانب الفلسطينيين وضرورة توفير السبل الآيلة لدعم صمودهم ومنددا بالمنهجية التي يتعرضون لها، إنما يشكل ردا مناسبا لموقف الطائفة مما يحاولون بثه لقلب الحقائق ونشر دعاية كاذبة تداري على جرائمهم.
كما تطرق الشيخ زين الدين إلى موقف زعيم الطائفة وليد جنبلاط الذي سبق والبس نجله تيمور الكوفية الفلسطينية، والذي شارك في الاجتماع الدرزي الموسع بين القادة والمسؤولين في لبنان وخارجه، وأبدى انحيازه المطلق لأبناء غزة و”حماس الفلسطينية” ومنتقدا الغرب المنحاز بشكل أعمى وموجها رسالة تاريخية الى دروز فلسطين مستعيدا بذلك وهج والده كمال جنبلاط شهيد القضية الفلسطينية.
وعلى صعيد متصل لفت زين الدين إلى مناداة رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس في القدس المطران عطالله حنّا “الله وأكبر” أنظار من لم يدرك بعد بأن حرب الابادة التي تقوم بها اسرائيل ليست لشعب فحسب، بل لمجتمع كامل ومحو ذاكرته وتراثه وعلّة وجوده وللقيم الروحية والايمانية والاخلاقية والمجتمعية، موجها نداء للعالم لوقف الحرب وآلة الموت حقنا للدماء ووقفا للدمار، وهو قال: “اذا حاولت اسرائيل وقف الآذان نحن من سيرفع الآذان”، وانما يؤكد بذلك على رسالة من سبقه المطران إيلاريون كبوجي الحلبي الفلسطيني العربي الذي قاوم وسجن وتحمل ظلاّم الزنزانة والاب الياس زحلاوي صديقه ورفيقه الكاتب المسرحي صاحب مسرحية “المدينة المصلوبة” عن القدس.
وختم الشيخ عامر زين الدين مقالته بالتأكيد على أن ما يحصل في غزة ليس وليد ساعته، وان الفلسطينيين يعون ان آلة الحرب الاسرائيلية على غزة ردة فعل على “حفلة كيبوتس رعيم”، وانما كانت تنتظر ربما ساعة الصفر بحسب التقويم اليهودي وبدعم اميركي مطلوب، لاستكمال مخططاتها التوسعية وتحقيق مشروع اسرائيل الكبرى من جهة، وتهويد القدس والتعدّي على المسجد الاقصى لبناء “هيكل سليمان” وكنيسة القيامة من جهة ثانية، بغض النظر عن معركة “هرمجدون” المنتظرة وسائر النبوءات عن ملحمة آخر الزمان والتي يتولاها السلاح النووي، “كي ينعم العالم لأول مرة بالأيمان والسلام”! كما يقولون. ولم يستغرب الفلسطينيين ايضا اقحام الاديان السماوية في هكذا حروب مستمرة، لطالما استطاعت اسرائيل دون اي رادع ضرب المواثيق والاعراف والقوانين الدولية والتعدّي على القيم الانسانية والاخلاقية على هذا النحو الصارخ.