
كتب مصطفى شهاب:
لا شك أن قمتي الرياض العربية والإسلامية ستحدثان فرقا نأمله لدعم صمود أهلنا في غزة والضفة وعموم فلسطين؛ حيث استشرى البطش الإسرائيلي بحقهم بعد أن فقد الإسرائيليون عقولهم وكل منطق، عقب ما قامت به قوات المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس يوم السابع من أكتوبر من اجتياح للنقاط والمواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة في ساعات محدودة وظلوا لأيام يجوسون بين تلك المستوطنات، وساقوا أكثر من مئتين من الإسرائيليين أكثرهم من العسكريين رهائن ولا يزالون في غزة.
بعيدا عن منهج التفاخر بما فعله هؤلاء الأبطال، فإن ما قاموا به أمر غير مسبوق، وحطم الغرور الإسرائلي وكشف هشاشة أمن الدولة الصهيونية، ولعل هذا هو السبب الرئيس مع ما وجهته تلك الهجمة المظفرة من ضربة قاضية لمصير نتنياهو السياسي، هو الدافع وراء هذه الهمجية التي تتقصد إسرائيل فيها -بضوء أخضر إمبريالي أميريكي أوروبي- حياة المدنيين من نساء وشيوخ وأطفال، وكل مقومات الحياة من شجر وحجر، وحتى المدارس والمستشفيات في قطاع غزة هاشم؛ مخالفة بذلك وعلى مرءى العالم كل القوانين والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان. فمرارة الصفعة التي تلقتها تل أبيب في غلاف غزة أكبر من أن تحيط بها أخلاقيات من قد يعدون من البشر.
لن نبكي قتلانا، فنحن في فلسطين خاصة، وفي بلاد الشام عامة أرض كتب عليها الرباط إلى يوم الدين. وهذه الحرب التي يجتمع قادة الأمتين العربية والإسلامية للبحث في مآلاتها، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.، طالما بقيت القضية الفلسطينية معلقة دون حل يرضى به الفلسطينيون، وهنا لا أقصد السلطة الفلسطينية، بل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته النضالية، الذي لم ولن تنهكه الحروب مهما طالت. فمنذ انسحابها من قطاع غزة عام 2005م جرت قبل هجوم السابع من أكتوبر سبعة مواجهات بين المقاومة الفلسطينية في غزة والقوات الإسرائيلية امتدت إحداها لسبعة أسابيع، على أن أياً منها لم تكن بهذا المستوى من البطش والعنف. وقد يتساءل أحد من العرب أو المسلمين عن النتائج التي حققتها المقاومة الفلسطينية بعد كل هذه المواجهات، وما الجدوى منها؟ وقد يبدو السؤال منطقيا لدى البعض، ولكن هل يملك الغريق إلا أن يحاول. هل يملك من أرضه محتلة، وشعبه محاصر، ومقدساته تمتهن إلا مواصلة مساعيه نحو الحرية والخلاص؟ أليس من الأجدى أن يوجه مثل هذا السؤال لإسرائيل التي تتلاعب بالجميع وتظن أنها قد تستطيع الحفاظ على دور الحاوي إلى ما شاء الله. أما آن لأحد أن يفهم الصهاينة المتغطرسين أن كل حروبهم وانتهاكهم ومستوطنيهم لمقدساتنا العربية والإسلامية في القدس والضفة وغزة التي يخضعها لحصار جائر تشارك فيه للأسف أكبر دولة عربية لن تمر دون عقاب. أما آن لعقلاء اليهود وعقلاء العالم أن يُفهموا حكام تل أبيب أن لا أحد سوى الفلسطينيين يمكن أن يمنحهم السلام والاستقرار في المنطقة. هذه الحرب ستنتهي، ولكن إذا لم تستثمر لتحقيق مطالب الفلسطينيين، فأنا على ثقة بأن الهجمة القادمة للمقاومة الفلسطينية ستصل إلى اللد وربما تل أبيب التي قد تفاجؤ بهذه المقاومة وقد أخذت علماء ديمونة رهائن إلى غزة، والأيام بيننا؛ فحماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى وسرايا صلاح الدين لن تنتهي، وإسرائيل لن تكسب هذه الحرب أبدا. فليس بحجم الخسائر البشرية تكسب الحروب، بل بفرض الإرادات، والإرادة الفلسطينية شعلة لا، ولن تنطفئ أبدا.