تدرس لجنة المال والموازنة حاليًا مشروع موازنة ٢.٢٤، الذي كانت حكومة تصريف الأعمال قد تقدّمت به إلى المجلس النيابي. إنّ هذه الموازنة، إذا لم يتمّ التصويت عليها في المجلس النيابي، فسوف تتبنّاها الحكومة فعليًا بصيغتها الأساسية من دون التعديلات الضرورية، وتصبح نافذةً حكمًا في عام ٢٠٢٤. والنتيجة ستكون زيادة المصاعب الحالية للقطاع الخاص الشّرعي، الذي يضمحلّ حجمه تدريجياً يوماً بعد يوم لصالح القطاع الخاص الغير الشرعي.
لدى التّجمّع ملاحظات كثيرة على هذه الموازنة المُقترحة، وقد قام بشرحها وتفنيدها لجميع الأطراف المعنيّة. لن يدخل هذا البيان في تعداد هذه الملاحظات، بل سيكتفي بإعطاء بعض النّماذج على سبيل المثال لا الحصر. فالمادّتين ٦٥ و٦٦ من هذه الموازنة، واللتين تتعلقان تباعًا بالضرائب على أرباح أصحاب المهن الحرّة وعلى الرواتب والأجور، قضتا بتعديل الشطر الأعلى من قيمة ٢٢٥ مليون ليرة لبنانية (وهو ما كان يوازي ١٥٠ ألف دولار أميركي تقريبًا قبل الأزمة)، ورفعه إلى قيمة مليارين و٤٤ مليون ل.ل (وهو ما يوازي بتاريخه ٢٢،٠٠٠ دولار أميركي تقريبًا)، وإخضاعه لمعدل الضريبة نفسه وهو ٢٥٪. وهذا سيؤثر على جميع الموظفين القانونيين في القطاع الخاص الشرعي، حيث سيُطلب منهم دفع ضرائب ضخمة دون الحصول على أي شيء في المقابل. وهذا لن يؤدي إلّا إلى زيادة حجم القطاع الخاص غير الشرعي، وخلق المزيد من هجرة الأدمغة وخفض حجم الصحن الضرائبي. كما فرضت الموازنة ضريبة على التضخم عبر الطّلب من القطاع الخاص الشرعي دفع ضرائب على إعادة تخمين المخزون والأصول الناتج من تدهور سعر الصرف، مما يجعلهم يدفعون الضرائب على أرباح غير محقّقة ووهمية! ناهيك عن تداعيات توحيد سعر الصرف قبل تشريع قانون عادل للضمان الاجتماعي.
عوضا عن فرض ضرائب إضافيّةً تقضي تدريجيا وكليا على القطاعات الشرعية المتبقية، إنّ الحلّ الوحيد والمستدام هو تكبير حجم الاقتصاد الوطني، وذلك عبر تحفيز نموّه، وتخفيض الضرائب وجذب المستثمرين، بالإضافة الى المباشرة بالإصلاحات الضرورية فورا.
بناءً على كلّ ما تقدّم، يدعو تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين إلى استكمال بحث تعديلات الموازنة لتفادي تداعياتها على القطاع الشرعي وموظفّيه. كما ويدعو نوّاب الأمّة إلى درسها ومناقشتها وتعديلها، والتّصويت عليها بصفة الضرورة. فالموازنة تشكّل ببساطة مسألة حيويّة وجوهريّة لحياة المواطنين، والقطاع الخاص، كما ولضمان استمرارية الدولة ومؤسّساتها. يلفت التجمّع ختاما انّ تشريع الضرورة هذا لا يغني أبداً عن أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، وهو أمر ذو طابع ملحّ خاصة في ظلّ الحرب الدائرة، بغية إعادة لبنان إلى المسار الدستوري الصحيح.