سلايداتمقالات

جولة، لا حرب

كتب شربل داغر في نداء الوطن:

الحرب، مثل أي معاركة، أي مراهنة: نعرف بدايتها، لا نهايتها.

هذا يصح في حرب غزة، على الرغم من بعض الارتسامات التي تبدو فيها منذ شهرها الأول.

هذا ما تبدى خصوصاً في الحدين اللذين وضعتهما الولايات المتحدة الأميركية لها منذ اندلاعها. الحد الأول تمثل في تجنب إدخال إيران، ومن يأتمر بأمر وليها الفقيه، في الحرب، وهو ما تأكد حتى تاريخه، حيث إن «وحدة الساحات» لا تتعدى المناوشات في جميع ساحاتها، ومهما قيل عن تهديدها «الشامل» والمرجأ.

الحد الثاني هو إحكام القوة الأميركية على مسرح العمليات، حرباً ومفاوضات وتباشير حلول سياسية.

لا مجلس الأمن، ولا «الاتحاد الأوروبي»، ولا الصين، ولا روسيا، ولا الدول العربية، خرجت أو يمكنها الخروج من هذا الطوق.

حنى وزراء الخارجية العرب الذين رفضوا الاجتماع بوزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، غداة بدء الحرب، عادوا واجتمعوا به، بل باتت بعض الدول العربية «تنسق» مع إسرائيل نفسها لمساندة الفلسطينيين الإنسانية في الحصار القاسي المفروض عليهم.

أما الأدهى في هذا كله، فهو أن لا تسوية سياسية ممكنة في هذه الحرب: لا إسرائيل مستعدة مع حكومتها «المهانة»، والأشد تطرفاً، ولا «حماس» مستعدة، وهي صاحبة الشعار (الذي يعود إلى معمر القذافي، حسب البعض): معركتنا معركة وجود، لا حدود.

لهذا نرى مواقف الحكومات الأوروبية تتعدل بعض الشيء، فما عادت تتكلم فقط عن حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، بل باتت تتحدث كذلك عن وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن والممرات.

هذا ما يحدث في كبريات المدن، حيث يتم الكلام عن وقف المجزرة، وعن وقف إطلاق النار، فيما تتراجع «الهبّات» العربية، وينتهي «الغضب» العربي في حضن الأنظمة. ماذا يعني هذا؟

هذا يعني أن المجزرة متعاظمة، وأقصى العمل الدبلوماسي يتعين في… الغوث: العالم «القوي» بات وكالة غوث في أحسن السيناريوات. أين السياسة في هذا كله؟

أهناك تسوية ممكنة ثمناً وأملاً بعد هذه الحرب؟

الحديث عن «حل الدولتين» كان أكثر من مخرج، بل تسوية تاريخية، وهو ما يعود اليه بعض الكلام الأميركي، والأوروبي، والعربي «الرسمي»، ولكن بكثير من التردد. ذلك أنه يبدو مثل كلام غير واقعي لعدم وجود قوتين مؤهلتَين ومناسبتَين له (فضلاً عن عدم توافر شروط أخرى له): حكومة نتنياهو وحركة حماس لا تلتقيان، بل تتنابذان، ولا تشبهان أو تريدان ما كانت عليه وما قامت به حكومة إسحق رابين وسياسة ياسر عرفات.

الأفق مسدود، في عهدة الأقوياء، فيما الحق، والقانون، والعدل تتثاءب في عتمة التاريخ.

أما ما نعايشه فلا يعدو كونه – من دون أمل يُرجى – جولة في حرب ليس إلا.

إلا أن الفلسطيني بات قوة أكيدة، لم تعد تهاب اسرائيل، ويتأكد حقها بشكل متعاظم، ولو في غبار الدمار.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى