سلايداتمنوعات

“كيونت” إدفع مالك لتحقق حلمك الوهمي

خاص ليبانون عاجل:
بات البحث عن المكسب السريع والارباح الخيالية من دون جهد يذكر، مطلب الكثيرين، خاصة بعد ما فرضته جائحة كورونا من تقوقع داخل عالم الانترنيت والقبول بالشروط التي يفرضها علينا دون أي رغبة منا بفك قيوده او التحرر منها. ولعل الأوضاع العامة والحروب والأزمات الاقتصادية وغيرها من الجمود العالمي، أصابنا بحالة من الكسل، وفرض علينا القبول بطرق جديدة للبحث عن كسب سريع من دون الحاجة الى تقديم جهد يذكر في المقابل.
وهنا يأتي انتشار الشركات الوهمية التي تدعي السرية وتدخلك في سحر الغنى السريع، نتيجة حتمية لحالة الخمول التي أصيبت بها البشرية عامة، وكأننا لم نعد نملك الرغبة في التحدي من أجل بلوغ الحلم، ونحمل دعوة صريحة ومباشرة لأحلامنا بأن تترجل من عالمها البعيد والارتماء بين احضاننا بكبسة زر ومن دون أي مجهود..
تنتشر في الفترة الأخيرة الكثير من الشركات، التي غالبا ما تكون وهمية، تبيعك الحلم مقابل مبلغ مالي، وتحاول اقناعك بأنك سوف تحصل على اضعاف اضعافه في فترة وجيزة. وهذا النوع من الاحتيال ليس جديدا، ولا محصورا في منطقة جغرافية معينة، منذ أكثر من عقد انتشرت الشركات التي تبيعك عقارا أو شاليه أو إقامة دائمة في فنادق فخمة، لنكتشف بعد ذلك أننا اشترينا سمك في بحر ووضعنا استثمارنا المالي في غير مكانه المناسب. لكن المفارقة اليوم أن المبالغ المطلوبة باتت كبيرة وقد تحدث فرقا للعائلات المتواضعة، لكن تصوير الحلم على أنه حقيقة قريبة المنال، تدخلنا في متاهة الدين أو بيع أملاك خاصة لامتلاك وهم وسراب.

شهادات حية
تفاجأت حين دق جرس الباب في وقت متأخر من ليلة يشتد فيها المطر والرياح ويلمع البرق، كانت زيارة من صديق مقرب لنا، أصر على الحضور لأنه يحمل لنا أملا بتغيير حالنا الى الأفضل. دخل المنزل وبدأ يتحدث عن فرصة عمل مثالية تنقلنا من حال الى حال، وبعد كلام وشعر وغناء عن عظمة الفرصة التي يحملها لنا، رمى صنارته التي جعلتني اتوقف عندها كثيرا.. فقط ادفعي 3500 $ وبعدها ستحققين أرباحا طائلة، واذا كنت لا تملكين المبلغ انصحك بضرورة استقراضه أو بيع أي شيء تملكينه لأنه فرصة حقيقة لتحقيق أرباح خيالية ستغير حالك بالكامل. ولدى استفساري عن بعض النقاط حول طبيعة العمل، وما المنتج الذي علينا تسويقه، اكتفى بالقول، جهزي المصاري واحضري الاجتماع واكثر من هيك ما فيي احكي، وخلي عندك ثقة فيي..
حملت عرض العمل المباغت والذي سيحولني الى ميسورة الحال بأسرع وقت ممكن، وتحدثت فيه الى صديقة مقربة مني، علها تساعدني في اتخاذ قرارا مناسبا، وحين حدثها ضحكت وقالت: دفعت 10000 $ وشقيقتي اضطرت الى بيع بعض قطعة ذهب ورثتها عن والدتي، والنتيجة أن لا شيء تغير، لا يوجد عمل ولا تسويق ولا من يحزنون، القصة كذبة وسرقة واضحة تحت مسمى الطموح وتحقيق الأحلام.
نسيت الموضوع لفترة ثم عاد صديقي مسلحا بصديقة مقربة أيضا في محاولة لإقناعي، وكان وسيلة الاقناع الدائمة ابحثي عن احد يمكنه تسليفك المبلغ، او بيعي سيارتك أو ما تملكينه من ذهب، ما ستضعينه اليوم سيعود عليك أضعاف مضاعفة في وقت قصير.
ولا بد من الإشارة الى أن الفترة التي حاولوا فيها اقناعي المشاركة امتدت على أشهر، وفيها لم الحظ أي تغيير حقيقي في حياة صديقنا الذي باع سيارته ليشارك في هذا العمل الخيالي.

السرية
ما يبدو غريبا ويدفعك للنفور من هذا النوع من العمل، أولا المبلغ، كبير نسبيا خاصة مع الظروف الاقتصادية التي نمر بها، ثانية السرية الكاملة المحيطة بهذه الشركة التي تأخذ منك كل هذا المبلغ، مقابل وهما تدخلك في سردابه، وتعجز عن الخروج منه. لا يحق لك ان تعرف شيئا وعليك أن تتصرف انطلاقا من ثقتك بالشخص الذي يدعوك للانضمام، لا تعرف اسم الشركة ولا طبيعة العمل ولا الخطوات التي عليك اتباعها كي تحقق نجاحا في هذا المجال. احضر مالك واحضر أحد اجتماعاتنا وأدخل الشرنقة وبعدها لكل حادث حديث.
الثقة، السرية والثراء الوهمي، ثلاثية وسائل الاقناع.. هذا الغموض الذي يكتنف طبيعة الشركة والسرية في طريقة التواصل والانضمام اليهم، خاصة مع الإصرار الدائم بضورة أن لا تخبر أحدا، ولا تستشير أي شخص، كي لا يحاول غيرك أخذ مكانك، كل هذه الأمور تجعلك تطرح أسئلة حول مدى حقيقة هذا النوع من الأعمال ومدى صوابيته.

رقم واحد

أيضا من الأمور التي تطرح في داخلك الأسئلة، الحفاظ على رقم واحد، 3000 أو 35500$، وكأن الرقم كبير يزيد من مصداقية الشركة، وكأنهم يحاولون اقناعك بأنها هذه الفرصة ليست متاحة لأي كان، بل ان الشركة يهمها اختيار نوعية أشخاص معينة لتحافظ على مصداقيتها السرية والغريبة.

الغاية
انتشر مؤخرا نقد كبير لشركة “كيونت” كونها واحدة من الشركات المروجة لوهم الثراء السريع، وكان هناك موقف من دار الطائفة الدرزية للتصدي لهذه الظاهرة، وتم تسريب أسماء وصور لشباب منغمسين بهذه الاعمال، بعد أن تبين أن هناك الكثير من حالات الطلاق سببها لجوء عدد من النساء الى اقتراض المال أو بيع المجوهرات من دون علم الزوج من أجل تأمين المبلغ المطلوب والمشاركة في العمل السري الوهمي، وكل هذا يطرح الغاية من هذا النوع من الأعمال إن لم يكن الاحتيال فما هو إذا، لقد تم استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة بهدف الحصول على مبالغ مالية بطرق قانونية لكنها غير شرعية، نبيعك الحلم، ما من شيء مضمون، وغالبا ما ستقع هذه الشركات قريبا حين تعجز عن رد الأموال لأصحابها أو تحقيق الأرباح التي وعدت بها..

لسنا بصدد مواجهة أحد أو اتهام أي جهة، شخصا كان أو شركة، لكن انتشار اعمال الاحتيال تجعلنا نطرح السؤال، خاصة بعد تجارب شخصية توثق ما يكتب عن شركات بيع الحلم، ولأن المتهم يبقى بريئا حتى تثبت ادانته، نتمنى أن يصدر من أصحاب هذه الشركات ما يكذب كلامنا، ويكشفوا النقاب عن الوجه الحقيقي لهم والغاية من عملهم، وإذا كان صحيح أن الربح بات سهلا وبمتناول اليد بهذه البساطة، أعتقد أنها فترة وجيزة وستنكشف أمامنا شخصيات ثرية كثيرة أو شخصيات على أعلى درجات من النجاح والتميز، وإذا لم تظهر هذه الفئة فنحن أمام عملية احتيال ممنهج تبرر سؤالنا وتستدعي منكم التنبه..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى