سماحة شيخ العقل رعى عقد راية الصلح لعائلة حاطوم في كفرسلوان: لفتح طريق المصالحات بين كفرسلوان والجوار دروزاً ومسيحيين بما يعزّز العيش الواحد المشترك
رعى سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى عقد راية المصالحة العائلية لآل حاطوم، في بلدة كفرسلوان (قضاء المتن)، “لطي صفحة الماضي الأليمة بين الأخوة والأقارب في عائلة حاطوم وانسبائهم، وببركة المشايخ الأطهار ومساعي الخيّرين الأفاضل وتجاوب المعنيين الكرام”، وذلك في قاعة الشيخ أسعد فارس حاطوم الاجتماعية في كفرسلوان.
وشارك الى جانب سماحة شيخ العقل الذي حضر على رأس وفد من المشايخ من بينهم رؤساء لجان وأعضاء من المجلس المذهبي ومستشارين، الى مسؤولين في مشيخة العقل والمجلس المذهبي، الشيخ الجليل أبو فايز أمين مكارم، الشيخ هاني العنداري ممثلاً الشيخ الجليل أبو صالح محمد العنداري، الشيخ مروان فياض، الشيخ فرحان محمود والشيخ محمد حلاوي والنائب هادي أبو الحسن، النائب السابق فادي الاعور، وكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في المتن عصام المصري، القاضي الشيخ غاندي مكارم، وعدد كبير من المشايخ من البلدة والمنطقة وممثلين عن القيادات الامنية، بينهم العميدين: يوسف نجم وعياد ابو درغم والمقدم وسام باز، الى شخصيات اجتماعية وأهلية وبلدية واختيارية عدة.
راية الصلح
وبعد الاستقبال العام في القاعة لسماحة شيخ العقل والوفد المرافق والمشاركين بحضور عائلة المرحوم ناظم نجيب حاطوم، رافق سماحة الشيخ أبي المنى وفد عائلة المرحوم مكرم مازن حاطوم القادمين من رأس المتن والذي تقدمه الشيخ الجليل أبو فايز أمين مكارم والقاضي مكارم، وقال سماحة شيخ العقل في كلمة تمهيدية سبقت المصافحة بين العائلتين:
أهلنا الأعزاء، كفرسلوان تجمعُنا كما راس المتن وكما المتن وكل الجبل، هي جُمعة مباركة وجَمعةٌ مباركة أيضاً، تكريماً وتتويجاً للنوايا الصافية والمساعي الحميدة. نزيّنها بكلمات طيبة ووجوهٍ باسمة وقلوبٍ متسامحة… فنضيف رحمةً على من فقدناهم… نغسل الحقدَ بالعفوِ والتباعدَ بالتقاربِ والظلمَ بالغفران… اليوم لا كلام هنا إلا للشهامة والكرامة والمحبة… الأيدي تتصافح والقلوب تلتقي والرجالُ الرجال ُ يتعانقون… ونحن هنا لنباركَ المصافحة والمصالحة… نحن وشيخنا الجليل الشيخ أبو فايز والمشايخ والشخصيات المتنية والحضور… ما أقدمتم وتقدمون عليه دون تردُّد يزيدُكم شرفاً وتقديراً عندنا وأجراً عند الله… تفضلوا وسجلوا في قاعتكم الجامعة يوماً مجيداً لا يُنسى.. تصافحوا، تسامحوا وتصالحوا.. اطووا صفحة الألم وافتحوا صفحة الأمل… وفقكم الله.
المغربي
وبعد المصافحة اعلانا لعقد راية الصلح، استهل البرنامج بكلمة تقديم للشيخ زين الخضر، وتلاه الشيخ حسين المغربي، مباركا اللقاء “باسم ابناء كفرسلوان الذي يبعث الفرح والاصلاح والتقارب بين الاقارب والعائلة الواحدة، الذين لم يبخلوا بالرجال والعفو والتسامح، وانطلاقا من مباركة العمائم والذي ان دل فعلى صفاء القلوب والتآخي. واننا نتقدم بالشكر لكل من سعى الذي لا بد ان يجلو خيرا، وملء التقدير لمسعاكم يا سماحة الشيخ الدكتور سامي أبي المنى مبتهلين لله ان يمدكم بالتوفيق الدائم، لتكرار مثل هذه اللقاءات التي تزيل الكدر وتزرع الفرح والسرور، آخذين بيد سماحتكم لراية وعز الطائفة.
المختار
وألقى المختار فوزي المغربي كلمة “شكر لله تعالى لهدايته ووافر كرمه لعقد اللقاء المبارك، الذي تداعى اليه اهل الصلاح، بحضور المشايخ الاطهار باليوم المبارك وبعقد الصلح، وبنور العقل الذي شعشع بسماحة شيخ العقل، نور جبر الخواطر، بحضور صاحب الرعاية والمشايخ الاجلاء، اللقاء الخير لرجاحة العقل. بوركت الايادي التي تصافح، فالالم قضّ مضاجعنا والجسم واحد ان تداعى احدى اعضائه اصابه كله، متمنين غاليا أن تتكلل روح المصالحة بالايمان بالله وبجوهرها الكرم والتسامح وشجاعة الاقدام، وان رياح ساعات التخلّي ذهبت الى غير عودة. نتمنى لكم أمل مشرق والتمسك بعاداتنا المعروفة وسمو التسامح وامانة الالتزام وحفظ العهود، ونتقدم بالشكر لكل من كانت له مساعي للتوصل الى النهاية السعيدة ونهذه النتائج، عساها فاتحة خير لانهاء بعض الخلافات التي لم تنجلي. بورك انتصاركم على الالم وكما قال حكيم، “ان الانتصار للاقوياء في نفوسهم لا للضعفاء”.
العائلة
والقى كلمة عائلة حاطوم رئيس البلدية المهندس بسام رفيق حاطوم، مرحبا بالمباركين عقد راية الصلح بين عائلتين كريمتين، المرحوم نجيب محمد حاطوم وابو غسان كريم نسيب حاطوم، التي لم تكن لتتم، لولا القلوب البيضاء والسعي الدؤوب من المخلصين لإرساء الصلح والتسامح بين أبناء البيت الواحد. اننا نشكر كل من سعى، ونشكر خصوصا سماحة شيخ العقل الذي رعى وحضر، وهو العين الساهرة على شؤون الطائفة والساعي دوماً الى التلاقي وهو الداعم الاكبر للحوار بين أبناء الوطن فكيف اذا داخل الطائفة، والذي مهما أشدنا بسماحته لا نفيه حقه، رواه الله من معين اليقين. اننا نبتهل الله لاجل السراط المستقيم.
شيخ العقل
وختاما تحدث سماحة شيخ العقل قائلا:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في محكم تنزيله: “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”.
حضرة المشايخ الأجلاء، جانب الشخصيات الموقّرة، السادة والسيدات الكرام، أهلَنا في كفرسلوان ومن رأس المتن والقرى المجاورة، أيها المشاركون المباركِون…
نُسارعُ وإيَّاكم اليومَ إلى مغفرةٍ منَ الله عزّ وجَلّ… مغفرةٍ تُعيدُ إلى نفوسِنا الراحةَ والأمان، وتمسحُ عن عيوننا دمعةَ الأحزان.
نُسارعُ إلى جنَّةٍ توحيديةٍ تمنحُنا السعادةَ والاطمئنان، وتغمرُنا بالرحمةِ والرضوان… جنّةٍ أُعدَّتْ للمتَّقين الذين يُضحُّونَ ويترفَّعون عنِ الأذى، ويخافون اللهَ ولا يَخافون إلَّاه.
نُسارعُ اليومَ لنطلبَ الصَّفحَ منه تعالى عمَّا ارتَكبت أيدينا في لحظات الغضبِ والتخلّي، ولنُنفقَ ونسامحَ ونجودَ في السرَّاءِ وفي الضرَّاء، كما يُنفقُ ويجودُ ويسامحُ أهلُنا الأحبّاءُ اليومَ، فيُضمِّدون جراحَهم بالجودِ والإيمان، ويكظِمون الغيظَ، ويَعفُون بعضُهم عن بعض، ويُحسنون نيةً وقولاً وفعلاً، واللهُ يُحبُّ المحسنين.
نَمرُّ جميعُنا، أيُّها الأحبّة، بظروفٍ صعبة، وعلى مستوياتٍ مختلفة، فالحياةُ غيرُ مستقرَّة، والظروفُ متقلِّبة، والأفكارُ تتشتّت بين موقفٍ وآخر، والحَيرةُ تتملَّكُنا أحيانأ كثيرة، ومسؤولياتُ الحياة متشعِّبةٌ وضاغطة، والصراعُ قائمٌ في داخل كلِّ واحدٍ منّا، وقائمٌ بيننا وبين مَن نعيشُ معهم، حتى في الأسرةِ الواحدة، وهناك خوفٌ كامنٌ من المجهول يترافقُ غالباً معَ ضغطٍ نفسي وتوتُّرٍ عصبي.
وللأسف، فإنَّ بعضَنا يصلُ إلى مرحلة اليأس ويقنَطُ ممَّا هو فيه، ويظنُّ أنّ الدنيا ضاقت به وأنه ما من مَخرجٍ له ممّا هو فيه إلَّا بارتكاب الخطأ أو الخطيئة، وكأنَّ فُسحةَ الأمل تلاشت وحدودَ الحياة انتهتْ عند هذا الواقعة أو عند تلك المُعضلة.
هذا التفكيرُ خاطئٌ، وربّما يدلُّ على نقصٍ في الإيمان وخللٍ في الوضع النفسي، فالحياة حلبةُ صراعٍ دائمٍ لا يُمكنُ أن ينتهي، والقلقُ موجودٌ لا يمكنُ أن ينعدم، ولكنَّ الإنسانَ المؤمنَ العاقل يمكنُه اختيارَ ما هو أفضلُ وأقلُّ سوءاً، وتلك هي مهمّةُ العقل، فالعقلُ هو القائدُ وهو الإمام، والفارقُ كبيرٌ بين مواجهةِ الأمورِ بعقلانيةٍ وإيمانٍ وبين تركِ أنفسِنا عُرضةً للنزق والغضب وسوءِ الظَّنِّ والانفعال الذي يضعُنا في مهبِّ الريح ويؤدّي للانتقال بنا من خطأٍ إلى خطيئة ومن سيِّءٍ إلى أسوأ.
تلك هي طِباعُ البشر منذ القِدَم، فقابيلُ قتل أخاه هابيل “فأصبح من النادمين”، وإخوةُ يوسُفَ الصدّيقِ (ع) رمَوه في البئر ليتخلّصوا منه، ثمّ عادوا يطلبون الغفران قائلين: “يا أبانا استغفر لنا ذنوبَنا إنَّا كنّا خاطئين”، فمدرسةُ الاستغفار والعفو كانت هي الغالبة، إذ إنّ الاستغفارَ من شِيَم الكبار، والعفوَ عند المقدرة من شيمِ الكرام ومن شيم الأنبياء والرسل (ع)،، فها هو نبيُّ الله يوسفُ يعفو عن إخوته الذين حاولوا قتله، وفرّقوا بينه وبين أبيه، فعفا عنهم عندما وصلوا إلى مصرَ وكان قادراً على الانتقام منهم. قَالَ سبحانه وتَعَالَى عنه أنه قال لهم كرماً وجوداً: ﴿… لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، أي لا لومَ عليكم لقد سامحتُكم وتركتُ أمرَكم لله، إنّه العَفوُّ الغفور، وجاء في كتابِ الله: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾، نعم أيُّها الأخوة، ردُّ السيِّئة بالحسنة هو ما يُرضِي الله، والعفوُ هو الذي يُورثُ المحبة، واللهُ يعفو عمّن سامحوا وعفَوا، أولئك الذي لهم أجرٌ عند ربِّهم ولا يندمون، قال تعالى: “َمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ “.
أيُّها الأخوةُ والأحبّة،
كفرسلوانُ اليومَ تعفو وتسامح، تمسحُ الدمعة وتُوقدُ الشمعة، دمعةَ الألم وشمعةَ الأمل، كفرسلوان ترسَخُ اليوم في توحيدِها وتشمَخُ في تسامحِها، أكثرَ ممَّا هي شامخةٌ وراسخةٌ دائماً على مرِّ الزمان.
كفرسلوان الجانبُ الأشدُّ والأعلى من طبق النُّحاس المُذهَّبِ الذي إذا ما ضُربَ عليه في المتنِ سُمِعَ صوتُه في الجانب الآخر، أكان في الشوف أم في الساحل أم في الجرد والغرب أم في وادي التَّيم وغيرِها، كفرسلوانُ تَصدحُ اليومَ عالياً بصوت الشرفِ والعنفوان، صوتِ الخيرِ والإيمان، صوتِ المحبةِ وحفظ الإخوان… صوتِ التسامحِ والغفران، فيُسمَعُ الصوتُ في كلِّ مكان.
كفرسلوانُ العائلةُ الواحدة والقلبُ الواحدُ والجبلُ الشامخُ الأشمّ. في رحابِها العامرة نلتقي، وفي قاعة علَمٍ من أعلامها نجتمعُ ونرتقي، على نيَّة رأب الصَّدعِ وجمع الشمل، وعلى بركةِ الله ونعمةِ دعاءِ الأجاويد وهمّةِ الغيارى، وعلى وقعِ كلمات الرضا والتسليم والقَبول، نرفعُ الرايةَ البيضاءَ إلى جانب العمائم البيضاء ووجوه الخيرِ الشرفاء، ونُطلقُ قَسَمَ المصالحةِ الذي لا رجوعَ عنه من أفواه الطيِّبينَ المُتسامحين ومن أفئدة الأهلِ المتحابِّينَ من آل حاطومَ أجمعين، ليباركَه أبناءُ المتن الميامين وأهلُ الخيرِ والمعروفِ والدين.
إخواني المشايخَ الأفاضل، أيُّها المشاركون الكرام…
اليومَ نطوي وأهلَنا الأحبَّاءَ في كفرسلوان صفحةً أليمةً من تاريخِ عائلةٍ أبيّة، لنفتحَ صفحةً بيضاءَ جديدة ونعملُ على ملئها بأحرف المحبة وكلماتِ الأخوَّة وسطور الكرامة، مُدركين أنَّ ساعةَ الغضبِ والتحدي وهيجانِ العواطفِ المؤدّي إلى الأذى والقتل هي ساعةُ سوءٍ بغيضةٍ مقيتة لا تدلُّ على أصالتِنا وقيَمِنا وشجاعتِنا الحقيقيّة، بل إن ساعةَ الحِلمِ والصبر وتحكيمِ العقل والصَّفحِ والمحبة هي الساعةُ الأرقى التي تُمثِّلُ المعروفيين الموحِّدين وأبناء الجبل، وهي التي يدعونا إليها مسلكُ التوحيد ومنطقُ الإنسانية.
أيُّها الشرفاءُ والأوفياء،
صحيحٌ أنَّ الفضلَ في المصالحة ولقاءِ الأهل هذا يعودُ إلى سُعاة الخير من أبناء البلدة المُصلحين المندفعين من عائلتَي حاطوم والمغربي ومن الجميع، وإلى كلِّ مَن سعى سابقاً من مشايخَ أجلَّاء وسياسييِّن مقدَّرين وحكماءَ معروفيّين، إلَّا أنَّ ثمرةَ المصالحة ما كانت بعدُ قد نضجت، ونحن نعترفُ ونقول: إننا لم نكن لنصلَ إلى هذا اليوم الجامعِ لنتذوَّقَ وإيَّاكم هذه الثمرةَ المبارَكة لولا نفوسٌ خيِّرة من العائلتَين الغاليتَين، ولولا لمعةٌ من شابٍّ كريمٍ لامعٍ هنا، وحكمةٌ من شيخٍ كريمٍ طيِّبٍ هناك، ولولا قَبولٌ وتجاوبٌ من كلِّ الأخوة والأخوات والأبناء والأحفاد من هذين البيتَين المُصابَين والمتسامحَين، وقد سمعتُ في زيارتي الأولى منذ أسابيعَ قليلةٍ إلى ديارِهما كلاماً من الأبناء والأخوة والحاضرين تدمعُ لرجاحتِه العيونُ وتنبُضُ لصدقِه القلوب، لما فيه من الشهامة والكرامة والأصالة والإيمان وكرم الأخلاق، مستشعرين بكلامِهم قولَه تعالى: “وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ”، وهذا ما تبنّيتُه وما بنيتُ عليه، فتشجّعتُ، وشجّعتُ إخواني لإنجاز هذه المُهمّة وعقدِ هذه الراية، ليشهدَ المتنُ والجبلُ والتاريخُ بأنّنا قومٌ نستحقُّ لقبَ بني معروفَ الذين يَصحُّ فيهمُ ما قلتُه يوماً:
بني معروفَ، إنْ طُرحَ السـؤالُ لكــــــــم سَبْـــــــقٌ تُسطِّـرُهُ الجبــــــــــــالُ
شيوخُكُـــــمُ الأكارمُ أهــــلُ فضـــــلٍ نساؤكــــــــــمُ الطهـــــــارةُ والمثــــــــــــالُ
وفـــــوقَ تـــلالِ عِزّتِكــــــــم شبـــــــابٌ أُبــــــــــاةُ الضيــــــمِ أبطــــــــالٌ رجـــالُ
بنـــــــي معروفَ بالتوحيـــــــدِ أنتــــم شمـــــــوخٌ، لا يُمَسُّ ولا يُـطـــــــــــالُ
حُماةُ العِرضِ والأوطـانِ دومــاً وأهـــلُ العفــــــــوِ إن حُسِمَ الجدالُ
هذا هو تاريخُنا وهذا هو تراثُنا محفوظٌ ولن يضيعَ بعون الله، بثبات القيادة وبركة الشيوخ وهممِ الرجال، أمَّا كفرسلوانُ فستحفظُ ويحفظُ المتنُ والجبلُ وسنحفظُ جميعُنا في ذاكرتِنا الحيّةِ أسماءَ رجالٍ طيِّبين حسموا الجدالَ وعفَوا، وأكرموا سُعاةَ الخير بقَبولِ التنازل والمصالحة وطيِّ صفحة الماضي الأليمة، فأكرمناهمُ اليومَ بحضورِ هذا الجَمعِ من المشايخِ الأجلّاء وكرام القوم، فتحيةً لك يا كريم ناظم حاطوم، أيُّها الشابُّ المؤمنُ الواعدُ العاقلُ الرزين، ويا أخاه الغالي مكرم، أيها الحبيبان المُتعاليان على الجراح ووالدتَكما الصابرةَ المؤمنة، وتحيةً لكم يا أخوةَ المرحوم ناظم، أيُّها الأحبّةُ: ياسر وبسام وسمير وأجود وناجي ومقبل ونزار وجواد وعائلاتكم، تحيةً لكم، وتحيةً مماثلة لك أيُها العمُّ الحكيمُ والجَدُّ الراضي بقضاء الله الشيخ أبو غسان كريم حاطوم، ولك يا مازن كريم حاطوم أيُّها الأبُ الثاكلُ فلذةَ كبدِك مكرم والمتخطّي حاجزَ الحزن والفراق، ولأخوتك الأحبّة حسين وأمين الدين ونسيب ومبارك وجميع أفراد العائلة.
لن أَزيدَ الأسماءَ والثناءَ ولكنِ اسمحوا لي أن أقول: إن ما لمستُه منكم جميعاً ومن عائلاتكم يُبشِّرُ بالخير العائد عليكم غداً بوافرِ الحَصاد، والحاملِ إليكم تقديراً من الناس واعتزازاً، ورحمةً من الله وتوفيقاً، ثِقوا بأنَّ الصبر الجميل أجرُه جليل، وبأنّ عملَكم مقدَّرٌ عند الله وفي المجتمع، وفّقكم الله وحماكم، وجعلكم قدوةً لسواكم، تَصبِرونَ وتستعينون بالله وتُنفقون وتُضحُّون في سبيل الله وتدفعون السيِّئةَ بالحِسنة، فعسى أن تنالوا أجرَ ما أقدمتُم عليه اليومَ راحةَ بالٍ وعافيةً في أشخاصِكم وعائلاتكم وأولادِكم، وعسى أن تَفتحَ لكم دارُ الجنَّةِ أبوابَها، لقوله تعالى: “وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ”.
وإننا لعلى ثقةٍ بأنَّ ما قمتم به اليوم سيكونُ موضعَ تقديرٍ عند قادة الجبل ومشايخِ البلاد، وموضِعَ اعتزازٍ عند مجتمع الموحدين الدروز بأسره في الداخل والخارج، بل سيكونُ بمثابة مدرسةٍ تتعلَّمُ فيها الأجيال، ويتغذّى من دروسِها الرجال، ويقتدي بنهجِها الأبطال، كما قلتُ بالأمس للحبيبين كريم ومازن وللجميع، بل إنه سيفتح الطريق لمصالحاتٍ أوسعَ في قرانا وبين عائلاتنا، بل بين أبناء كفرسلوان والجوار موحدين دروزاً ومسيحيين بما يعزّز العيش الواحد المشترك ويثبت وحدة الجبل ويحفظ كرامته.
شكراً لكم جميعاً، شكراً لمشايخ كفرسلوان، شكراً لرئيس البلدية وللمختار ولرفاقهم ممَّن زارونا مراراً للمتابعة والتشاور، وشكراً لرفاقِنا المشايخ الذين واكبونا منذ البداية والذين رافقونا اليوم، ولتكُن الأفكارُ من هذه اللحظةِ صافيةً نقيَّة، والقلوبُ نابضةً بالأريحية، والأيدي متصافحةً ومتشابكةً وقويّة، والألسنةُ ناطقةً بالحقِّ، تقولُ باعتزاز:
إنَّا عَقـــــــدنا على التوحيــــــدِ رايتَنـــــــــــــا وصحوةُ العقلِ فاقت نبرةَ الغضبِ
كفٌّ تُصافحُ، بل قلبٌ يُصارحُ، بل فكرٌ يُصالحُ، بل فَيضٌ من الأدبِ
فليكُنْ هذا قسَمُنا معاً، ولْنسجِّلْ في سجلِّ كفرسلوانَ الذهبيِّ يومَ التاسعِ من شباط 2024 تاريخاً مشرِّفاً يُضافَ إلى التواريخ المجيدة فيها وفي المتن وعلى امتداد الجبل.
آجركُم الله، والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.