سلايداتمقالات

“الحزب” يتصدّر القتال في الجنوب

كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:

منذ أسابيع، تراجع النشاط العسكري لقوى وفصائل لبنانية وفلسطينية على حد سواء كانت تقصف مواقع إسرائيلية انطلاقاً من الجنوب اللبناني، بعدما كان نشاطها ظاهراً بعد 8 تشرين الأول لتوجيه رسائل متعددة للطرف الإسرائيلي كما للمجتمع الدولي.

وكانت «كتائب القسام» و«سرايا القدس» – فرع لبنان، أولى الفصائل التي انخرطت في «القتال الرمزي»، ونفّذت عمليات إطلاق صواريخ وعمليات تسلل محدودة باتجاه شمال إسرائيل. وقد لحقتها مجموعات لبنانية أخرى، مثل «قوات الفجر» التابعة لـ«الجماعة الإسلامية»، ومجموعات لـ«حزب البعث» وحزب «التيار العربي» أعلنت عن مشاركة معينة في المواجهات.

وانتشر عناصر لحركة «أمل» في مواقع متقدمة على الحدود الجنوبية، من دون الإعلان بشكل رسمي عن تنفيذ عمليات، وبقي الإعلان عنها على شكل تسريب إلى وسائل إعلام محلية. وقد نعت الحركة ثمانية من عناصرها استهدفتهم ضربات جوية. وبدا واضحاً في الآونة الأخيرة أن هناك إضاءة مقصودة من «حزب الله» على دور تقوم به «أمل» جنوباً لتأكيد «وحدة الصف الشيعي»، على حد تعبير رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد أخيراً.

ويعتبر مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أنه «في بداية المطاف، كان حزب الله يستخدم هذه العمليات لتأمين غطاء فلسطيني، والتأكيد أنه لا تورط مباشراً للحزب في عملية طوفان الأقصى. لكن، مع مرور الوقت، فإن حزب الله لن يفرط بكونه القوة المسيطرة على الجنوب، وهو لن يشارك هذه المهمة مع أي طرف ثان. فعلى الرغم من التقارب الاستراتيجي مع حماس، فإنه لن يتيح لها أو لسواها فرصة للتجذر في أرض الجنوب».

ويشير نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العامل الأساسي الذي دفع الحزب لإيقاف العمليات الرمزية لبقية القوى، هو التزامه بسقف معين يقوم على تبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، والحرص على عدم توسعة الحرب، وسحب الذريعة من الإسرائيليين الذين قد يعتبرون وجود كتائب القسّام جنوباً مبرراً لتوسعة عملياتهم».

وتشير مصادر «حماس» إلى أن تراجع عملياتها من جنوب لبنان أو تكثيفها «أمر مرهون بالميدان، خاصة أنه في الآونة الأخيرة بات هناك وجود لطائرات الاستطلاع بشكل مكثف، وهذا يحتم الحيطة والحذر»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «أصلاً، مشاركة القوى الفلسطينية في العمليات جنوب لبنان كانت مشاركة ضمنية – تضامنية، وهي أقل الواجب تجاه ما يحصل من مجازر في قطاع غزة. أما المقاومة الأساسية هناك فهي لـ(حزب الله) الذي يعود له تقدير حجم العمليات وكثافتها».

أما الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير، فيربط مشاركة فصائل وقوى أخرى غير «حزب الله» في العمليات العسكرية في الجنوب، بالواقع الميداني، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لكل فصيل قدراته وإمكانياته الميدانية، ويشارك حسب هذه القدرات».

ويُذكّر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هلال خشان، بأنه «عندما بدأت المقاومة ضد إسرائيل في الجنوب، كانت تسمى (المقاومة الوطنية)، لكن بعد نشأة (حزب الله) واكتشافه عدم قدرته على إقامة الدولة الإسلامية التي يريدها، تبنى المقاومة وحوّلها من وطنية إلى إسلامية واحتكرها»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد 7 تشرين الأول، سُمح لحركة (حماس) و(الجهاد) و(الجماعة الإسلامية) وغيرها من المجموعات، بتنفيذ عمليات عسكرية محدودة من الجنوب باتجاه إسرائيل، لتوجيه رسائل معينة في حينه، ولكن، لأن (حزب الله) لا يريد التصعيد، ولرغبته في حصر ما يقوم به جنوباً بإطار المساعدة الرمزية، أوقف أي عمليات أخرى تحصل من الجنوب، وأبقى على بعض العمليات والعناصر لحركة (أمل)، للقول إن الطائفة الشيعية متماسكة وقت الجد. لكن الأمور انقلبت عليه، وعلق في المصيدة الإسرائيلية، وهو حالياً في ورطة بمواجهة مع إسرائيل، أعتقد أنها ستبقى رمزية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى