سلايداتمقالات

مهمة صفا في الإمارات «موضعية» أم أكثر؟

كتب عماد مرمل في صحيفة الجمهورية:

بَدت زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا الى الإمارات العربية المتحدة وكأنها أتت من خارج «الصندوق» أو السياق العام، ما حوّلها مادة دسمة للنقاش الداخلي الذي تطوّر احياناً الى سجال بين مناصري الحزب ومعارضيه بفِعل التفسيرات المتضاربة لهذا التطور اللافت.

من هنا، خطفت مهمة صفا في دولة الإمارات الاضواء والاهتمام، ربطاً بما تحمله من دلالات ومؤشرات في مرحلة إعادة رسم «بورتريه» المنطقة.

ولئن كانت هذه الزيارة قد انطوَت على مفاجأة للكثيرين ربطاً بتاريخ العلاقة السيئة بين الطرفين، الا انها شكّلت صدمة للبعض، خصوصاً لدى جانب من خصوم «حزب الله» الذين آخر ما كانوا يتوقعونه هو ان تستقبل الامارات قياديّاً رفيع المستوى من الحزب في هذا التوقيت بالذات.

 

صحيح انّ مهمة صفا العابرة للحدود اندرجَت في إطار عنوان واضح يتصل بمعالجة قضية المعتقلين اللبنانيين في الامارات، لكن الصحيح أيضا انّ مفاعيلها، إذا نجحت، قد تتجاوز هذا الإطار الى ما هو أوسع، وإن يكن من السابق لأوانه الذهاب بعيداً في الاستنتاجات السياسية، كما فعل هواة المبالغات.

ولعل التمَكّن من إنهاء أزمة المعتقلين سيسمح متى حصل، وفق «المتحمّسين»، ببدء إعادة بناء الثقة وفتح المجال أمام الخوض في البحث السياسي الأشمل والأكثر تعقيداً، بينما يميل الواقعيون الى التقدير بأنّ التلاقي المُستجد هو موضعي فقط ويقتصر على جانب أمني مَحض لا يمكن تحميله ما يفوق طاقته

والأرجح انّ «بازل» رحلة الحزب إلى الإمارات لن يكتمل قبل تجميع الأجزاء الناقصة الموجودة في جعبة صفا، وحتى ذلك الحين لا أحد في لبنان يملك الرواية الكاملة لما جرى سوى الامين العام السيّد حسن نصرالله و«الحاج وفيق».

 

بناء عليه، يلفت قريبون من الحزب إلى أنّ المستغرب هو ان تتدفّق المعلومات والاجتهادات من كل حدب وصوب، وكأنّ اصحابها رافقوا صفا في رحلته واجتماعاته، في حين انهم لم يكونوا أساسا على دراية بالزيارة وبالتحضيرات الصامتة لها في الكواليس السياسية والامنية.

 

وبمعزل عن النتائج المباشرة وغير المباشرة للتواصل العلني بين «حزب الله» وابو ظبي، غير انّ الأكيد انه كَرّس أكثر فأكثر الدور الاقليمي للحزب من جهة والانفتاح الإماراتي على كل المحاور في المنطقة من جهة أخرى.

وفي الوقت نفسه يُحكى عن ورشة قائمة بنشاط داخل اللوبي اليهودي الأميركي بهدف استخلاص الدروس من عملية «طوفان الأقصى» والبناء عليها مستقبلاً، خصوصاً أنّ مرحلة التحولات الكبرى تشكّل فرصة في هذا المضمار. ووفق التسريبات المحدودة فإنّ ثمة اقتناعاً بأنّ الكيان الإسرائيلي كان مهدّداً بالزوال، وأنّ ضمان استمرار استمراريته مرتبط بوجوب إحداث تغييرات «جغرافية» جذرية في خريطة الشرق الأوسط. ومن هذه الزوايا يجب قراءة التطورات الميدانية في غزة، وآخر فصول الحرب في رفح. ومن هنا أيضاً يجب مقاربة التطورات الحربية الأخرى في البحر الأحمر وسوريا وطبعاً في لبنان.

 

لذلك لم يكن «سبقاً» صحافياً الكشف عبر الإعلام الأميركي عن المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية غير المباشرة في سلطنة عمان أو البلد الأكثر كتماناً والتزاماً بالسرّية. في الواقع كانت رسالة تذكيرية أميركية بتفاهمات حصلت وتتعلق بالبحر الأحمر، في مقابل همسات بأنّ الحوثي تجاوز الهامش المعطى له وهو يندفع الى الأمام مبتعداً عن الحسابات الواقعية. ذلك أنّ الرسالة التذكيرية الأميركية كانت قد سبقتها خطوات عملية، كمثل توجيه تعليمات للقيادة البحرية بخفض مستوى الردّ الناري والعسكري. وقيل إنّ خطط الردّ الأميركي على استمرار استهداف السفن كانت ستشمل ضرب مخازن الصواريخ والأسلحة وحتى تنفيذ سلسلة أغتيالات عبر طائرات «الدرونز» لقيادات وكوادر عسكرية حوثية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى