سلايداتمقالات

ردّ عن إيران دون الوقوع في حرب؟

صلاح سلام

الكلام الإيراني حول الرد على العملية الإسرائيلية الإستفزازية ضد القنصلية الإيرانية في دمشق، ليس جديداً، لأن من حق طهران أن تختار الوقت المناسب، والأسلوب الملائم، وتحديد الهدف المقصود، دون تسرُّع أو إنفعال، حتى يكون الردّ بمستوى الضربة الإسرائيلية الموجعة.
ولكن المستجد في بيان الحرس الثوري الإيراني، الإعلان عن أن الرد على الإعتداء الإسرائيلي سيأتي عبر جبهات المقاومة المنتشرة بين لبنان وسوريا والعراق واليمن. وليس من الجانب الإيراني مباشرة.
الإنطباع الأول لهذا الكلام يوحي بأن طهران تحرص على إجهاض مخطط نتانياهو وفريقه الحكومي بجر إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة إلى حرب موسعة، إنطلاقاً من الجنوب اللبناني، حيث مازال حزب الله يتقيد وإلى حد كبير بقواعد الإشتباك، رغم التصعيد الجوي والمدفعي من الجانب الإسرائيلي، والذي أدى إلى حصول دمار غير مسبوق في القرى الحدودية.
ولكن إجهاض مخطط نتانياهو يقتضي أيضاً إبعاد الرد الإيراني المنتظر عن الحدود اللبنانية، تجنباً لمزيد من الخسائر أولاً، ولتجنب إعطاء أي مبرر للعدو الإسرائيلي بتنفيذ تهديداته بضرب البنى التحتية في لبنان، وتوسيع نطاق المواجهات العسكرية الحالية، والإنزلاق إلى حرب إقليمية مفتوحة على أسوأ الإحتمالات.
لسنا بوارد تحديد الجبهة الأنسب في المحور الإيراني للرد على العملية الإسرائيلية الإستخباراتية في تدمير القنصلية الإيرانية في دمشق على رؤوس قادة كبار في فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني. فاليمن ، مثلاً قد تكون الأكثر فاعلية والأقل كلفة، بشرياً وبنيوياً، بين الجبهات الأخرى، ولكن القرار يبقى طبعاً لصاحب القرارات الكبرى في هذا المجال.
ولأن لبنان في وضعه الراهن غير قادر على مواجهة تداعيات حرب جديدة مع العدو الصهيوني، فإن أي رد من الأراضي اللبنانية يجب أن يبقى محدوداً بالزمن، وبالهدف المقصود، دون التوسع في المواجهة لتجنب الوقوع في الشرك الصهيوني، للإيقاع بلبنان في مهاوي حرب مفتوحة.
لأن مسألة الرد الإيراني المتوقع لا تعني الحكومة اللبنانية رسمياً، لا بالمباشر ولا غير المباشر، فإن المساعي الديبلوماسية، الناشطة على أكثر من صعيد، خاصة الأميركي والفرنسي، للتهدئة في الجنوب، وتنفيذ القرار ١٧٠١، يجب أن تبقى في طليعة الإهتمامات اللبنانية الرسمية والسياسية، وصولا إلى شاطئ الأمان ووقف الإعتداءات الإسرائيلية اليومية على القرى الآمنة في الجنوب والبقاع.
المرحلة دقيقة. والأيام عصيبة. والتهديدات قوية.
والمطلوب الكثير من الحكمة والتبصُّر لتجنيب البلاد والعباد الوقوع في المحذور، وتحميل البلد ما لا طاقة له به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى