كتب طوني عيسى في الجمهورية:
منذ أيام، واللبنانيون يضعون قلوبهم على أيديهم، خوفاً من انزلاق الساحة الداخلية إلى صدام أهلي، نتيجة التوترات السياسية والطائفية التي تراكمت على مدى سنوات، وجاء خطف باسكال سليمان وتصفيته لِيزيدا مِن تفاقمها إلى حدود خطرة.
يعتقد البعض أن الساحة اللبنانية حالياً تقف على كف عفريت. فلا شيء يمنع تعرّضها لصدمات يُمكن أن تقود إلى كوارث، خصوصاً أن الهواجس الداخلية تتزامن مع الخطر الآخر الخارجي على الحدود الجنوبية.
فحرب غزة لا يبدو أنها ستنتهي قريباً، ما يعني استطراداً أنّ الحرب في الجنوب اللبناني ستستمر أيضاً بلا أي أفق زمني، بكل تداعياتها السياسية والاقتصادية والأمنية. أي، حتى إشعار آخر، لا مجال للنهوض اقتصادياً ولا فرصة لإعادة بناء المؤسسات المفككة والمشلولة. وفوق ذلك، لا شيء يمنع تَمدد المواجهات الجارية في الجنوب لتتحول حرباً شاملة تدمّر ما بقي صامداً من مرافق البلد.
وفي غضون الأشهر الـ6 الفائتة من الحرب، تكبّد لبنان خسائر فادحة في الأرواح، وتعرَّض لخسائر مادية مباشرة بمئات ملايين الدولارات، نتيجة دمار المساكن والبنى التحتية، إضافة إلى خسارة غير مباشرة بمليارات الدولارات، نتيجة تعطيل الحياة الاقتصادية في مناطق واسعة من لبنان، وضياع الفرص والمواسم السياحية التي بقيت هي الرهان الأساسي للحد من شراسة الأزمة المالية.
وإذ يبذل لبنان جهوداً حثيثة، منذ سنوات، للحصول على قروض ببضعة مليارات من الدولارات من صندوق النقد الدولي، يتكبّد اليوم خسائر تفوق بحجمها هذه المساعدات. وفي عبارة أخرى، إن حرب غزة ستمنع خروج لبنان من مأزقه المالي وستزيد في اهترائه الشامل إلى حدود مخيفة.