كتب داني حداد في موقع mtv:
اقترنت القدرة على الاستدارة في المواقف والمواقع السياسيّة باسم وليد جنبلاط. قفز “البيك” مراراً من محورٍ الى آخر، وأجاد، قبل أن تتغيّر التوازنات، تأدية دور “بيضة القبّان”. يبدو أنّ جبران باسيل بات، بحكم الاستدارات المتتابعة، يتفوّق على جنبلاط.
يملك جبران باسيل قدرةً تسهل ملاحظتها على “التكويع”. لا نقصد استداراته في أزقّة البترون، وهو يقود ما يُعرف بسيّارات الغولف، في جولاته مع ضيوفه من سياسيّين ودبلوماسيّين، بل نتحدّث عن السياسة التي بات باسيل أحد أبرز “شياطينها”، أو ثعالبها بالتعبير المستخدم أحياناً، بحكم الدهاء الذي اكتسبه بالخبرة من جهة وبملازمته الرئيس ميشال عون من جهةٍ أخرى.
فباسيل الذي كان يستخفّ، والعبارة مخفّفة بفعل اللياقة، ببعض المستقلّين الذين يسمّيهم “الفراطة”، بات يعمل على تجميعهم ورسم التحالفات معهم، وهو في طليعة المستعدّين للاستحقاق الانتخابي المقبل.
نتحدّث هنا، على سبيل المثال لا الحصر، عن علاقته المستجدّة بالياس المر وويليام طوق وميريام سكاف، وزيارته في جزين لابراهيم عازار، و”الحبل عالجرار” كما يبدو، وفي ذلك تحضير لاستحقاق ٢٠٢٦، بهدف تحصين موقعه الانتخابي والتعويض عن خسارة حلفاء آخرين، وتحديداً حزب الله، إن فُكّ التحالف معه.
وتبقى الاستدارة الأهمّ التي قام بها باسيل هي صياغة علاقة جديدة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، “البلطجي” سابقاً، وهو تحالف معه في انتخابات نقابة المهندسين وأمّن له النصاب في الجلسة التشريعيّة الأخيرة.
تحوَّل بري من “بلطجي” الى حليف. إنّها السياسة اللبنانيّة “الملعونة” التي يتحوّل فيها الأبيض إلى أسود والعكس، “دفاعاً عن القضيّة” و”من أجل لبنان”، وغيرهما من شعارات يضحك بها السياسيّون، بغالبيّتهم الساحقة، على جمهورهم “الغنمي”، في معظم الأحيان.
تفوّق باسيل على جنبلاط إذاً، وهو قد يصبح، في لحظةٍ رئاسيّةٍ ما، “بيضة قبّان” كما كان زعيم المختارة طيلة سنوات. لا بل، وإن “تمرّد” على حزب الله، يعرف مكانته والهامش الذي يمكنه أن “يلعب” فيه، فيتدلّل انطلاقاً من ثقته بأن لا بديل من بين المسيحيّين عنه، فيستغلّ التوازنات المسيحيّة التي يحرص حزب الله على ألا “تطبش” لصالح سمير جعجع.
تبقى إشارة أخرى لا بدّ منها. تفوّق باسيل على جعجع أيضاً. بات الأخير أسير مبادئه، وهذا الأمر، بقدر ما يُحسَب له يُحسَب عليه. غالباً ما تلفظ السياسة اللبنانيّة المبدئيّين وتنتصر للمتلوّنين.