مقالات

المصالحة الفلسطينية في الصين في انتظار القطار .. !!

بقلم : عادل أبو هاشم

مع جولة الحوار الفلسطيني اليوم في الصين و التي تهدف إلى إنهاء الأنقسام من خلال مصالحة تستعيد وحدة الشعب الفلسطيني ، يتساءل الشارع الفلسطيني :

هل أصبح الحديث عن المصالحة الفلسطينية عبارة عن ” حكاوي قهاوي ” ، وكلام ” فض مجالس ” لمعرفة هذا الشارع بان هذه المصالحة تلقى معارضة من اطراف فلسطينية لتاكيد تبعيتهم للادارة الأمريكية و الأسرائيلية ، و كذلك معارضة اسرائيلية و اقليمية و دولية ..؟؟!!
فنحن امام رئيس سلطة يعرف بكراهيتة الشديدة لقطاع غزة بصفة عامة و لحركة حماس بصفة خاصة ، فهو الذي شن على مدار ما يقرب من عشرين عاما حربا شعواء ضد قطاع غزة تحت شعار ” التجويع بهدف التركيع ” ، ولم يستثني وسيلة من وسائل الانقلاب على فوز حركة حماس في الانتخابات عام 2006م الا استعملها ، حيث وصف تارة الحركة بالقرامطة الجدد ، وتارة اخرى بالقاعدة وداعش ، وبانهم جواسيس وخونة ، ومتآمرين على المشروع الوطني من خلال تمرير صفقة القرن ، ولن يرفع العقوبات حتى تكون غزة كالخاتم في اصبعه .. !!
ولم يسلم قطاع غزة وفصائل المقاومة من حالة العداء والحقد التي يحملها ” بطارقة المقاطعة ” من الناعقين باسم محمود عباس من كذابين الزفة ، و عواجيز الفرح من منظري ” اتفاق اوسلو “الذين ادخلونا في متاهات وزواريب ” اوسلو ” الذي جلب الخراب والدمار على شعبنا ، وكل هدفهم هو الاساءة لكل فعل مقاوم للعدو الاسرائيلي ، حتى اصبحت الخيانة في فكرهم عقيدة ثابتة ، وايديلوجيا يفاخرون بها ليلا ونهارا على مرآى ومسمع من الجميع .. !!
ولأن فلسطين تقف – هذه الأيام – في مفترق طرق حقيقي في ظل حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يمارسها العدو الإسرائيلي لكل ما هو فلسطيني فان المطلوب في هذه المرحلة ليس حوار محاصصة بين حركتي حماس و فتح ، بل المطلوب هو الدعوة إلى حوار فلسطيني _ فلسطيني موسع تشارك فيه جميع القوى والفعاليات السياسية الفلسطينية ، ويحول دون تمزق الشعب الفلسطيني .

حوار وطني حقيقي وجاد وبنّاء يقود الى مصالحة حقيقية مبنية على الشراكة الوطنية.
حوار نستطيع من خلاله رسم سياسة توحد الوضع الفلسطيني ، وتضع الثوابت والخطوط الحمر التي تشكل القاسم الوطني المشترك بين الجميع لتفويت الفرصة على العدو الإسرائيلي والمتربصين لاختراق هذه الثوابت ، والعمل على استمرار مواجهة العدو الاسرائيلي بكل الوسائل .

ويجب عدم السقوط في وهم اعتبار وحدة السلطة والفصائل والتنظيمات في حد ذاتها هي الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وحتى توحيد المؤيدين والمعارضين لاتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقات ليس تعبيراً عن الوحدة الفلسطينية ، وإنما وحدتها هي في توحيد كافة قوى وأبناء الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة التي يتعرض فيها لابشع احتلال استعماري استيطاني عنصري يستهدف كامل حقوقنا الوطنية وتدمير مشروعنا الوطني .
لقد تحدث الكثيرون عن الوحدة الوطنية الفلسطينية ، ولكن هذا الحديث في كثير من الحالات ( كلام حق يراد به باطل ) ، فالوحدة الوطنية ضرورة استراتيجية نابعة من حاجة هذا الشعب الذي ما زالت معظم أراضيه مغتصبة ، وشعبه يتعرض يوميـًا للقتل والإعتقال والتدمير ، ومقدساته تتعرض للتهويد .
لقد كانت الدعوة والحديث والعمل من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية تبدو في الماضي _ وخاصة في السنوات الأولى لعمر الثورة الفلسطينية المعاصرة _ وكأنها مرهونة بردود الفعل العفوية على المؤامرات التي تعرضت لها الثورة هنا وهناك ، وكان يبدو أيضـًا بأن الدعوة والحديث والعمل من أجل هذه الوحدة لم يكن نابعـًا من قرار محدد وواضح تسعى كل الأطراف المشاركة في الساحة الفلسطينية من أجل تحقيقه كفعل وليس كردة فعل ، بحيث أصبح يعتقد البعض بأن كل ما يجري يدور بشأن الوحدة الوطنية الفلسطينية إنما هي مواضيع نظرية محضة تطرح من نقاش وللحوار داخل إجتماعات المجالس الوطنية الفلسطينية لتعود وتختفي عند إنتهاء دورات هذه المجالس .. !!
إذن لا يجب أن يكون الحديث عن الوحدة الوطنية وكأنه مرهون بردود الفعل العفوية ، ولكن يجب أن يكون الحديث والعمل من أجل هذه الوحدة نابعاً من قرار محدد وواضح يسعى الكل الفلسطيني لتحقيقه كفعل وليس كرد فعل .
وإذا كانت هذه الدعوة لعقد حوار فلسطيني- فلسطيني موسع ، ففي المسيرة الفلسطينية سابقة في هذا المضمار ، فقد أجرت القيادة الفلسطينية حواراً شعبياً وعالمياً واسعاً عندما اتخذت قرارها بالعمل المرحلي عام 1974م ، ووضعت آنذاك برنامج النقاط العشرة ، وأجرت القيادة الفلسطينية حواراً داخلياً كثيفاً للغاية استمر ستة أشهر كاملة ، وهيأ هذا الحوار لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني ( 1988م ) والتي أعلنت قرار الاستقلال والموافقة على القرار 242 .

و بعد :

أتمنى ألا تصبح المصالحة مثل حكاية الزوجة التي استدعت النجار لإصلاح هزة شديدة في دولاب ملابسها كلما مر قطار سكة حديد بجانب البيت ، وقام النجار بالمهمة المطلوبة منه ، لكن الدولاب سرعان ما مارس الاهتزاز مع أول قطار قادم ، وعاد النجار لإصلاحه ، ولكن الزوجة أرسلت إليه من جديد تبلغه أن ( الهزة ) ما زالت موجودة ، ولم يجد النجار بدًا في المرة الثانية سوى الدخول في الدولاب وانتظار مرور القطار حتى يعرف كيف ومصدر اهتزاز الدولاب .!
وفي خلال ذلك جاء الزوج ودخل غرفة النوم وسمع صوتـًا داخل الدولاب أثار شكوكه ففتحه ليجد الرجل بداخله ومذهولا سأل :
ماذا تفعل في الدولاب .. ؟؟!!
قال النجار :
سوف أعترف لك بكل شيء.. أنا صاحب هذه السيدة وأخونك معها..!!
ورقعت الزوجة بالصوت قائلة له :
ماذا تقول يا كذاب يا ابن الكذاب.. أنا صاحبتك ..!!
قال النجار في هدوء :
وهل تعتقدين أن زوجك سوف يصدقني إذا قلت له أنا واقف داخل الدولاب أنتظر القطار ..؟؟!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى