انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر وفاة الشابة نادين خشاب من بلدة المنصوري، التي تبلغ من العمر 49 عاماً، إلاّ أن شخصيتها المرحة والمحببة جعلتها تبدو أقل من ذلك بكثير.
استعانت نادين وجيرانها يوم السبت الماضي بشركة لرش مبيدات الحشرات داخل شققهم في المبنى الذي يسكنونه وخارجه، في منطقة الحوش- قضاء صور، بعد نصائح تلقوها بأن الشركة التي تقع في خانة الاتهام، “جيدة”.
نقلت نادين في اليوم التالي أي نهار الأحد إلى مستشفى “جبل عامل”، بواسطة الصليب الأحمر اللبناني وهي تعاني من صعوبة في التنفس وشعور بالاختناق، لتفارق الحياة بعد ساعات قليلة. وما لبثت أن نقلت العاملة الأثيوبية التي تعمل لديها إلى المستشفى، وسرعان ما أدخلت إلى غرفة العناية، ووصفت حالتها بـ “الحرجة”.
كرّت السبحة، حين نقل 4 أشخاص من المبنى نفسه إلى غرف الطوارئ، وهم يعانون من العوارض نفسها، حتى أن بعضهم أدخل إلى العناية أيضاً.
وعلى الفور بوشرت التحقيقات، التي رجحت أن يكون سبب الوفاة التسمم، وما أكد فرضية علاقة شركة المبيدات بالحادثة هو العثور على قطة نادين جثة متحجرة.
مصدر مقرّب من الضحية أكّد لموقع “لبنان الكبير”، أنها لا تعاني من أية أمراض أو مشكلات صحية، وأن الشرطة الجنائية قامت بأخذ عدّة عينات لتأكيد سبب الوفاة، مشيراً إلى أن التحاليل ستستغرق أسبوعاً على الأقل لاستخلاص النتيجة.
وأوضح المصدر، أن نادين لم تكن داخل المنزل عندما قامت الشركة بالرش، لأن تعليمات الأخيرة كانت “ترك المنزل لمدة 3 ساعات فقط”، وهي المدّة التي أمضتها في الخارج قبل عودتها إلى البيت.
ومن دون توجيه أصابع الاتهام كون التحقيقات لم تنته بعد، تواصل موقع “لبنان الكبير” مع الشركة التي نفت علاقتها بادئ الأمر بالحادثة، وعلى حدّ تعبير عاملة الهاتف “أي سمعنا بالحادث، بس الموضوع عند الإدارة”، التي لم تعلّق حتى الآن.
ورفض مصدر من الأجهزة الأمنية الإدلاء بأي معلومة، إلاّ أنه أكد لموقع “لبنان الكبير” أن التحقيقات جارية ولا يجب استباقها.
وشدد مصدر من وزارة الصحّة، في حديث لـ “لبنان الكبير” على وجوب التفريق بين المبيدات التي تحتاج إلى ترخيص من وزارة الصحة أو وزارة الزراعة وذلك بحسب المنتج المستخدم. ولكن للأسف، هناك الكثير من المبيدات التي تغزو السوق من دون المرور على الرقابة، وهي مهرّبة ولا تراعي أي معيار من معايير السلامة العامّة، ومجرّد استنشاقها يؤدي إلى الوفاة.
وأشار المصدر إلى أن مبيد “الديمول”، ممنوع استخدامه عالمياً، إلاّ أنه موجود للأسف في معظم المتاجر اللبنانية مثل “دبوس” وغيرها، وخطورة استخدامه لا تكمن في استنشاقه فقط، بل يكفي أن يلامس الجلد من دون شطفه بالماء حتى يؤدي الى الموت أيضاً.
أمّا الفترة الزمنية التي يجب أن يتم فيها اخلاء مكان الرش، فهي متفاوتة، وذلك حسب المواد المستخدمة وخطورتها، وهذا الأمر توضحه الشركة أو العمال الذين يقومون بوضع المبيدات.
وأكد المصدر أن الأمر يحتاج إلى توعية ورقابة ليس من وزارة الصحة فحسب، بل من وزارتي الزراعة والاقتصاد والتجارة أيضاً، وحتى البلديات.
وشيعت نادين اليوم الى مثواها الأخير، على أمل تبيان السبب الذي أدى إلى مقتلها واتخاذ الاجراءات القانونية بحق المعنيين.