لم نشاهد سابقاً مثل هذا السباق المحموم بين المرشح الديموقراطي جو بايدن بالأمس، وكامالا هاريس اليوم، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، على أصوات المسلمين والعرب، وخاصة اللبنانيين، الذي باتوا يشكلون كتلة إنتخابية محترمة، ولها حساب في إستطلاعات الرأي العام وفي صناديق الإقتراع.
أن يكلف ترامب صهره اللبناني الأصل مسعد بولس القيام بجولات في مختلف الولايات التي يتواجد فيها العرب واللبنانيون ، والتواصل المباشر مع رؤساء جمعياتهم وفعالياتهم، وعقد المؤتمرات المخصصة لهم، في محاولات مستميتة لكسب أصواتهم، مقابل وعود بإتخاذ مواقف أكثر توازناً من القضية الفلسطينية، والحرب في غزة، حيث سارع المرشح الجمهوري إلى الإعلان بأنه طلب من نتنياهو إنهاء الحرب على غزة فوراً، ووقف العمليات العسكرية ضد المدنيين.
ومع تأكيد الحزبين الجمهوري والديموقراطي على العلاقات التحالفية مع إسرائيل، والتعهد بحماية الدولة العبرية، فإن الطرفين حرصا على إظهار التعاطف مع أهالي غزة، بشكل غير معهود في واشنطن، والتجاوب مع حملات الإحتجاج الشعبية ضد المجازر في غزة، والتي تجلت في المظاهرات الحاشدة في واشنطن ونيوبورك والمدن الأميركية الأخرى، والتي وصل إمتدادها إلى أهم الجامعات الأميركية، والمعروفة سابقاً بعلاقاتها التقليدية مع المؤسسات الصهيونية، سواء عبر التمويل المالي، أو من خلال التعاون الأكاديمي.
ولم يتأخر بايدن وإدارته الديموقراطية في إستنفار العلاقات المستجدة مع تجمعات المسلمين والعرب، لا سيما اللبنانيين، حيث أصدر قراراً غير مسيوق أيضاً، بتمديد إقامات اللبنانيين المنتهية مدتها في الولايات المتحدة ١٨ شهراً، بداعي ظروف الإضطرابات الأمنية ، ومخاطر اندلاع حرب شاملة في الجنوب اللبناني.
وكانت مقاطعة ولاية ميتشغن لزيارة بايدن في بداية جولاته الإنتخابية، بمثابة مؤشر واضح على رفض أكثرية الناخبين، وهم مسلمين وعرب ولبنانيين، لسياسة البيت الأبيض في الدعم المطلق للحرب الإسرائيلية في غزة، الأمر الذي فرض على منظمي الحملة الديموقراطية ممارسة الضغوط المناسبة لتعديل الموقف الأميركي الرسمي، والإتجاه إلى إصدار قرار وقف إطلاق النار عن مجلس الأمن بموافقة أميركية صريحة.
أصوات المسلمين والعرب واللبنانيين في الإنتخابات أصبحت تنافس الصوت الصهيوني، إذا تم حُسن تنظيمها، وتصبح بمثابة «لوبي» قادر على إثبات وجوده في الخريطة الإنتخابية الأميركية، سواء على مستوى الرئاسة الأولى، أم بالنسبة لإنتخابات الكونغرس.
د. فاديا كيروز