سلايداتمقالات

لهيب أكبر ولكن تحت سقف الحرب

كتب جوني منير في الجمهورية:

رغم هول مجزرة مجدل شمس وخلفياتها الغامضة إلّا أنّها جدّدت التأكيد مرّة إضافية بأنّ ظروف الذهاب الى الحرب المفتوحة ليست متوفرة، رغم أنّ ذلك لا يعني بأنّ مستوى التوترات سيبقى منخفضاً، لا بل على العكس فإنّ «الردّ» الإسرائيلي سيرفع من منسوب التوتر والحماوة، ولكن من دون الذهاب الى الحرب الكاملة.

ويتوافق هذا الإستنتاج مع ردّ الفعل الأميركي إثر حصول المجزرة، وكان لا يزال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو موجوداً على الأراضي الأميركية. فالكلام الصادر عن واشنطن ذكر بأنّ الإدارة الأميركية تؤيّد حصول ردّ إسرائيلي ولكن مدروساً. ولا حاجة للتفسير بأنّ واشنطن تشترط ألّا يشكّل الردّ مدخلاً للإنزلاق باتجاه الحرب. والموقف الأميركي هنا مهمّ وأساسي، كون نتنياهو يدرك بأنّه غير قادر للذهاب إلى مغامرة حربية في لبنان من دون الدعم الأميركي الكامل والواضح.

لذلك، سمعت مختلف الأوساط الديبلوماسية من الحكومة الإسرائيلية بأنّ وقف النار في غزة لا يعني وقفاً للنار في لبنان، لا بل على العكس ستكون بدء المرحلة الخطرة عليه. وهنا لا بدّ من إدراج رسالة «حزب الله» حول إطلاق صاروخ أرض جو، والذي اعتُبر تجاوزاً للخط الأحمر، بمثابة رسالة جوابية لتل أبيب.

 

ولكن نتنياهو يدرك أنّ الحرب مع «حزب الله» ستعني دخول إيران وكل القوى المتحالفة معها على خط الحرب، وهي النقطة التي استوجبت طلب نتنياهو مساعدة واشنطن كونها الوحيدة القادرة على منع إيران من التحرك.

 

لكن قد تكون إحدى أبرز الخلاصات التي خرج بها نتنياهو من زيارته إلى واشنطن، بأنّ خط التواصل المفتوح بين الإدارة الديموقراطية وطهران يحمل في طياته تفاهمات حصلت وأخرى في طريقها للحصول على مستوى المنطقة. وأنّ المفاوضات غير المباشرة والتي حصلت ولا تزال قائمة في سلطنة عمان، قطعت مسافة لا بأس بها، بخلاف السجالات الإعلامية القائمة، ولو أنّه لا يزال هنالك مسافة متبقية ليست بقليلة. وهو ما يعني بأنّ الذهاب الى حرب عسكرية مباشرة مع إيران وهمٌ أكثر منه واقع حقيقي

وهو ما يعني بأنّ تركيز نتنياهو على إيران في خطابه أمام الكونغرس وسط تصفيق قياسي، لن يجد له ترجمة فعلية، على الأقل طالما أنّ الحزب الديموقراطي يمسك بالبيت الأبيض.

 

ويمكن ملاحظة ردّ الفعل الإيراني السريع على التهديدات الإسرائيلية بعد صاروخ مجدل شمس، والتي استبعدت انزلاق الأوضاع باتجاه الحرب، وهو ما يعكس نوعاً من الإطمئنان المبني على شيء ما.

حتى إسرائيل، فهي حرصت على الإشارة عن ضربة قوية ولكن من دون أن تعني الذهاب الى الحرب. وحتى في المعطيات الميدانية فإنّ التعزيزات العسكرية الإسرائيلية باتجاه الحدود مع لبنان جاءت محدودة جداً وبما لا يتناسب أبداً مع حالة الإستعداد للحرب.

 

كذلك، فإنّ نظرية أن تبدأ إسرائيل بالحرب في أواخر ولاية بايدن ومن ثم «تهدي» التسوية لترامب لا تبدو واقعية. فالدخول الصاروخي لكامالا هاريس يوحي بأنّ القوى الكبرى المؤثرة في الانتخابات تصطف بمعظمها وراء الديموقراطيين. ولا بدّ أن يكون الجمهوريون قد راقبوا بتمعن تخطّي التبرعات المالية لحملة هاريس الـ100 مليون دولار في خلال 36 ساعة فقط. فعنصر المال هو مؤشر كبير وعامل أساسي في الحملات الإنتخابية الرئاسية الاميركية. وكذلك ذلك الدفع الإعلامي القوي، ما أدّى الى حجب حدث بحجم محاولة إغتيال ترامب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى