سلايداتمقالات

ريا وسكينة فرع كفرشيما….

كتبت: كفا عبد الصمد

لا شك ان التاريخ يعيد نفسه، وفي بعض الحالات يعرض امامنا صورا مشابهة لقضايا حجزت مكانتها في ذاكرتنا المجتمعية، وتمت ترجمتها الى اعمال سينمائية وتلفزيونية حتى تبقى حاضرة في الاذهان.. من منا لم يسمع بقصة ريا وسكينة النساء اللواتي امتهن القتل وسيلة للعيش وكسب الرزق، قست عليهن الحياة فاخترن اسهل الطرق المؤدية الى الثراء، وعبرن فوق جثث نساء كثيرات قبل ان يصلن الى حبل المشنقة وفي ايديهن غوايش وعلى صدورهن ذهب. امضت المرأتان سنوات مليئة بالقلق والخوف والجوع قبل ان تهديهما نفوسهما المريضة الى وسيلة سهلة وممكنة ومربحة، تتطلب فقط حسن اختيار الغنيمة الثرية واستدراجها الى وكرهن، وبعد ذلك تفاصيل غير مهمة كالقتل واخفاء الجثة وبيع الذهب.. هذه الرواية التي عفى عليها الزمن عادت الى الواجهة من جديد مع تصدر الاخبار قصة كفرشيما والجثث التي وجدت في احد المنازل.. اذا اردت ان تتابع اي فيديو او رصد للمنزل الذي يقطنه شابان قيل ان سلوكهما غير سوي، ستعرف ان خلف الستار الاسود الذي يلف الحائط الخارجي للمنزل، توجد قصة لم تكتمل ملامحها بعد، لكن لا شك ان هناك احداث قاسية دارت على مدى ايام وشهور وربما سنوات، في منزل وسط منطقة كفرشيما المأهولة بالسكان والتي تعتبر طريق عام للعديد من المناطق والقرى. تبين حتى الآن وجود 5 جثث والخير لقدام، ويسكن في هذا المنزل اضافة الى الشابين امرأة مسنة قد تكون والدتهما وشخص رابع، الجميع يعيش وسط الجثث والحياة تدور رحاها وكأن شيئا لم يكن… هذان الشابان يمنعان احد الاقتراب من منزلهما، وبارودة الخردة بالمرصاد لكل من يتجرأ ويفكر بالتواصل معهما، ووضعهما الاحذية مقلوبة على واجهة المنزل خير دليل على انهما لا يرغبا بالزوار من اي نوع او لون او شكل، ويتحدث سكان المنطقة عن تصرفات غريبة يقوم بها الشابان بصورة دائمة ومنعهما احدا من ولوج عالمهما.. ريا وسكينة فرع كفرشيما، قصة تستحق التوقف عندها وطرح مجموعة من الاسئلة التي من المعيب عدم ايجاد اجاية لها، كيف يمكن لهذين الشابين العيش فترة طويلة في منطقة سكانية مأهولة بهذه الصورة المريضة دون ان يتنبه لهما احد او يشكلان مصدر خطر على احد؟ الجثث الموجودة لمن هي وكيف دفنت في منزلهما ولم يبلغ احدا عن اختفاءها؟ اين اصدقاء العائلة الاهل والمعارف وكيف وصلت الامور الى هذا المستوى من دون تدخل احد؟ وقبل كل شيء اين الدولة التي تسمح بان يتحول منزل في منطقة مأهولة الى بؤرة خوف وقتل دون ان يلاحظ احد؟ كيف يعيش الشابان من يصرف عليهما وعلى السيدة العجوز معهما، وكيف مرت عليهما كل هذه الايام والضباب يغطي حقيقتهما وكأنهما اشباح هربت من قصة قديمة…. الاسئلة كثيرة والاجابة واحدة ما يعصف بنا نفسيا افتك بكثير مما قد نتعرض له جسديا، الدمار الذي لازال واضحا في نفوس بعض من عايشوا الحرب الاهلية وما تبعها من حرب اشد شراسة، حرب الاستزلام والتبعية والعبودية المقنعة، كلها ستترجم على شكل صور وقضايا مختلفة، بعضها يتقبله العقل والبعض الآخر يبقى خارج حدود المنطق والمعقول… ريا وسكينة فرع كفرشيما حقيقة كتب للبناني ان يعيشها لا يسمع عنها فقط وهذه من ميزات ان تكون لبنانيا، تختبر ما يفوق التصور وتعيش حالات تكون فيها انيس اسئلة لا اجوبة لها، لهذا ضع قلمك جانبا وسيجارتك في منضدتك، واقلب الصفحة ولا تفكر كثيرا، احتسي قهوتك الباردة واكمل الطريق فما خفي قد يكون اعظم بكثيرررر…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى