
ومن الواضح أنّ أروقة الأمم المتحدة شهدت حركة كثيفة شارك فيها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، للتوصل إلى حلّ يفضي إلى وقف متزامن لإطلاق النار في لبنان وغزة على حدّ سواء. وحتى قيادة قوات «اليونيفيل» في الناقورة لم تتردّد في إبداء أملها بوجود إمكانية لخفض مستوى الحرب أواخر هذا الأسبوع. إلّا أنّ هذه الآمال لا تبدو قابلة للتحقق على أرض الواقع، مع توجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى نيويورك، واندفاع الجيش الإسرائيلي في ترتيبات ميدانية تؤشر إلى قرب اتخاذه القرار بغزو بري.
فإسرائيل لا تترك مناسبة إلّا وتوحي فيها بأنّ الحرب لم تبدأ بعد ضدّ «حزب الله»، وأنّ الهجمات ستشتد مع الوقت. في وقت تشير المعلومات إلى أنّ الجسر الجوي بين واشنطن وتل أبيب تمّ تفعيله مجدداً، وحيث يتمّ تأمين مخزون إضافي من القنابل التدميرية والأخرى الذكية لمصلحة الجيش الإسرائيلي. أضف إلى ذلك، أنّ نتنياهو يبدو مغتبطاً من ارتفاع شعبيته في الشارع الإسرائيلي إلى جانب وزير الدفاع، منذ بدء الحملة الجوية العنيفة على لبنان على رغم من قرب موعد مرور عام على بدء الحرب في غزة. في الواقع يجب الإقرار بأنّ إسرائيل تغيّرت بعد الصدمة الهائلة التي تلقتها إثر عملية «طوفان الأقصى».
وفي المقابل، يتصرف «حزب الله» وكأنّ رهان إسرائيل العسكري هو خاسر سلفاً. فهو استمر في توجيه صلياته الصاروخية إلى العمق الإسرائيلي، وذهب أبعد مع استهداف مقر الموساد في تل أبيب بصاروخ باليستي. وهو أراد بذلك أن يوحي أنّ قدراته العسكرية لا تزال سليمة وبدرجة كبيرة في ظل المحافظة على انضباطية عالية لمقاتليه. وفي الوقت نفسه تبدي قيادة «حزب الله» عدم تأثر قرارها بربط جبهة لبنان بغزة.
لكن بايدن الذي فشل في ترجمة مبادرته لوقف النار في غزة منذ مطلع الصيف الماضي، يدرك جيداً أنّ انزعاجه لم يعد يخيف نتنياهو الساعي ضمناً إلى توجيه الضربات الإنتخابية للحزب الديموقراطي، وأنّ نزاعه هذا لن يؤثر أبداً على إبقاء مخازن الأسلحة والذخائر مفتوحة لمصلحة الجيش الإسرائيلي. وما يضاعف من جرأة نتنياهو آخر الإستطلاعات، حيث تشير الأرقام إلى فوز الجمهوريين بغالبية مريحة في مجلس الشيوخ، وإلى تحسن أرقام دونالد ترامب في 6 من الولايات المتأرجحة بسبب الأوضاع الإقتصادية، ورهان الناخبين على قدرة ترامب على إنهاء حروب غزة وأوكرانيا.