سلايدات

النهار: “تسوية” بري – ميقاتي في مهبّ التوغّل الإسرائيلي

كتبت صحيفة “النهار”: مع أن الحرب الإسرائيلية المتدحرجة جواً والمنذرة بغزو برّي وشيك للبنان لا تفسح مجالاً بعد لأي اختراق دبلوماسي، تمكّن رئيسا مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس من اختراق الأجواء الحربية بما يشبه الإعلان الرسمي المشترك الذي يتعهدان فيه التزاماً صارماً لتنفيذ القرار 1701 استناداً إلى المقترح الأميركي- الفرنسي من جهة والذهاب بعد وقف النار إلى انتخاب “رئيس توافقي لا يشكل تحديا لأحد” كانت السمة اللافتة جداً حياله أن الرئيس بري ثبّت هذا التعهد.

على رغم التحفظ في تشريح معنى هذا التعهد المزدوج، كشف توقيت إعلانه أمس بالتوافق بين بري وميقاتي، بالتزامن مع وجود وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في بيروت، أنه يشكّل قاعدة أساسية لموقف لبنان الرسمي بما يؤسس لتسوية توقف الحرب وتوقف النار على قاعدة التزام موجبات القرار 1701 بحذافيره جنوب الليطاني، ومن الزاوية الداخلية على قاعدة مستجدة ومهمة تتصل بتعهد انتخاب رئيس توافقي. ولعل البارز في هذا التطور، ولو أنه من المبكر الجزم بما إذا كان سيحدث أثراً سريعاً من شأنه لجم اندفاعات التصعيد الحربي، أنه ترك انطباعات بارزة حيال تحرك داخلي استثنائي جاء بعد أيام من اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي شكل أخطر تطور في مسار انزلاق لبنان نحو حقبة شديدة التفجر. وتعتقد الأوساط المطلعة على خلفيات التوافق بين بري وميقاتي على هذه الخطوة أن من شأنها أن تشكل تحصيناً في الحد الأدنى للموقف الداخلي في ظل تعاظم المخاوف من تصعيد خطير تعتزم إسرائيل الدفع به قدماً عبر عملية برية تكثفت معالمها ومؤشراتها في الساعات الأخيرة.

وكان ميقاتي أعلن عقب لقائه وبري “أكدنا خلال هذا اللقاء موقفنا الذي أعلناه في نيويورك وخلاصته الموافقة على الالتزام بالنداء الذي صدر عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والاتحاد الاوروبي واليابان والمملكة العربية السعودية وقطر والمانيا وأستراليا وكندا وإيطاليا. نحن كحكومة، وبعد الاتصال مع الرئيس بري، نؤكد تعهدنا بتطبيق كل النقاط التي وردت في البيان ومنها وقف اطلاق النار فوراً من أجل بداية البحث في تطبيق القرار 1701 كاملا”.

وقال: “نحن مستعدون لتطبيق القرار 1701، وفور وقف اطلاق النار نحن مستعدون لإرسال الجيش إلى منطقة جنوب الليطاني ليقوم بمهامه كاملة بالتنسيق مع قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب”. وأضاف: “تحدثنا أيضاً عن المسار الرئاسي وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت. أكد لي دولة الرئيس بري خلال اللقاء أنه فور حصول وقف اطلاق النار ستتم دعوة مجلس النواب إلى انتخاب رئيس توافقي وليس رئيس تحدٍ لاحد. وهذا الأمر هو من الايجابيات التي يجب أن نستفيد منها في أسرع وقت من أجل استقامة المؤسسات الدستورية واكتمال عقدها وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة”.

وبدا لافتاً أن الرئيس بري سارع إلى الإعلان “أن لبنان ما زال ملتزماً بما تم الاتفاق عليه مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين من مسار ينتهي بوقف إطلاق النار مع إسرائيل وتنفيذ القرار الدولي 1701”. ورفض ربط وقف النار بمسار الانتخابات الرئاسية، قائلاً “لا علاقة لأحد بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية ومن غير المسموح التدخل فيه، لأنه موضوع سيادي. ومع أننا نرحب بأي مساعدة إلا أننا نرفض أية تدخلات ومحاولات إملاء”. وأكد تطابق الموقف مع رئيس الحكومة وتأييده ما صدر عنه، موضحاً أن التواصل مع “حزب الله” قائم، وأن الحزب “ليس بعيداً عن هذا التوجه”.

وفي ختام زيارته لبيروت، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أنّ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيجتمعون لبحث تقديم مساعدات للبنان. ودعا بارو إسرائيل للامتناع عن الاجتياح البرّي للبنان، كما دعا “حزب الله” إلى عدم القيام بأي عمليّة تؤدّي إلى مزيد من التصعيد. ودعا أيضاً كلّ الأطراف إلى الاستفادة من الجهود الدولية لإنهاء التصعيد وحضّ “حزب الله” وإسرائيل على وقف عاجل للنار.

وقال في مؤتمر صحافي في قصر الصنوبر: “السياسيون اللبنانيون الذين التقيت بهم اليوم يؤيدون اقتراح ماكرون وبايدن بشأن وقف إطلاق النار. و”حزب الله” يتحمّل مسؤوليّة في الوضع الحالي نظراً إلى قراره في جرّ لبنان إلى الحرب، ووقف إطلاق النار من مصلحته”. وتابع: “قلت لبرّي وميقاتي إنّه من غير الممكن أن يبقى البلد بلا رئيس خصوصاً إذا فشلت المفاوضات ونشدّد على دعم الجيش اللبناني. وندعو اليونيفيل إلى تعزيز قدراتها على الحدود وعلى اللبنانيّين انتخاب رئيس لإعادة انتظام المؤسسات”.

نعيم قاسم

في أول موقف لـ”حزب الله” بعد اغتيال أمينه العام، أكد الحزب أنه ماضٍ في عمليات الاسناد. وقد نعى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، السيد نصر الله قائلاً: “فقدنا أخاً وحبيباً وقائداً، السيد حسن نصرالله الذي بقي في الميدان الجهادي والرسالي منذ نعومة أظفاره”.

ونفى ما زعمته إسرائيل عن إجتماع ضم 20 قائداً كانوا مع نصرالله، لكنه أكد “إستشهاد الإخوة إبراهيم جزيني وسمير حرب إلى جانب علي كركي”. وأكد قاسم أنه “إذا اعتقدت إسرائيل أن يدها المفتوحة دولياً وتصميمها على العدوان سيوصلها لأهدافها فهي واهمة، والمسيرة التي واكبها السيد نصرالله وأشرف على قيادتها مستمرة، و”حزب الله” مستمر بميدان جهاده، وفي مساندة غزة”. وأعلن أن “الأخوة يتابعون عملهم وفق الهيكلية المنظمة ويعملون وفق الخطط البديلة للأفراد والقادة”. وتابع: “تجهزنا ومستعدون للإلتحام البري والعدو لن يحقق أهدافه”. وأوضح أنه “في هيكيلية “حزب الله” هناك نواب للقادة وبدائل احتياط جاهزة عند إصابة القائد في أي موقعٍ كان”. وأعلن أننا “سنختار أميناً عاماً لـ”حزب الله” في أقرب فرصة وسنملأ مراكز القيادة بشكل كامل”.

الغزو البري

في غضون ذلك تصاعدت المؤشرات بسرعة إلى احتمال تنفيذ إسرائيل تهديداتها بغزو بري للجنوب إذ راحت وسائل الإعلام الإسرائيلية تؤكد تباعاً مساء أمس أن العملية البرية في جنوب لبنان ستبدأ “خلال ساعات”. ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن مصادر في الجيش الإسرائيلي أن “العد التنازلي لعملية برية في جنوب لبنان تحرك أسرع مما كان متوقعًا”. بل إن محطة “سي إن إن” الأميركية نقلت عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل نفذت عمليات خاصة داخل الأراضي اللبنانية قرب الحدود. وأفادت أن المسؤولين الأميركيين قلقون من أن ما قد يبدأ توغل محدود قد يتحول إلى عملية اكبر. كما نقلت شبكة “سي بي اس” عن مسؤول أميركي أن “إسرائيل أبلغت واشنطن أن العملية البرية التي ستشنها على جنوب لبنان وشيكة وقد تبدأ الليلة (أمس)”. وقال مسؤول أميركي رفيع “أن إسرائيل ستدخل لتدمير البنية التحتية لـ”حزب الله” قرب الحدود ثم تنسحب”.

الغارات والاستهدافات

أما في الغارات الجوية التي شنها الطيران الإسرائيلي أمس، فقد شن غارة فجراً استهدفت شقة سكنية في منطقة الكولا، في أول هجوم جوي على بيروت منذ فتح جبهة الجنوب. وأعلنت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” مقتل ثلاثة من كوادرها في الهجوم. كما تلقت “حماس” ضربة قاسية إذ قتلت غارة إسرائيلية قائدها في لبنان فتح شريف أبو الأمين مع زوجته وابنيه في استهداف فجراً، في مخيم البص في صور.

وجنوباً واصل الطيران غاراته الكثيفة وشن غارات على بدياس ومنطقة جوار النخل – قدموس في صور، ما تسبب بسقوط شهيد وجريحين. وسقط 3 قتلى في غارة في محيط ساحة بنعفول في قضاء صيدا. وفي البقاع شهدت منطقة الهرمل مجزرتَين جديدتَين، ما أسفر عن سقوط عشرة شهداء، بالإضافة إلى إصابة عشرين فرداً من عائلة الحاج حسن الجوهري. وسقط شهداء من طواقم المسعفين في الهيئة الصحية الإسلامية، بعد استهداف مركز الهيئة في سحمر في البقاع الغربي فجراً. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمّر مخزناً لصواريخ أرض – جو لـ”حزب الله” على بعد كيلومتر ونصف من مطار بيروت.

في المقابل، أعلن “حزب الله”، “أنه قصف قاعدة الناعورة بصلية من صواريخ فادي 2”. كما قصف “مدينة صفد المحتلة بصلية صاروخية”. وقصف مستوطنة جيشر هزيف بصلية صاروخية ومستوطنة كابري بصلية مماثلة. وأعلن الحزب عصرا استهدافه مستعمرة كفر جلعادي ‏بصاروخ نور الباليستي لأول مرة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى