
بقلم/ مصطفى شهاب
الوَلَدْ لِمْشوم بجيب لَهْلُهْ المَسَبَّه (يعني الشتيمة)، هذه العبارة من العبارات التي كانت تحرص أمي على تردادها لنا كي تعلمنا أدب التعامل مع الآخرين. اليوم وأنا أتابع ما يحدث في المنطقة، وما تسببه (إسرائيل) نتنياهو من توتر وقلق وحروب في المنطقة، تذكرت ذلك المثل ورأيت أنه أكثر ما ينطبق اليوم، هو على دولة الكيان الصهيوني ورئيس وزرائها ومجمل قادتها. إسرائيل تعربد في المنطقة، وتصول وتجول معتمدة على تفكك الجبهة العربية وضعفها بلْ قُلْ هزالها، وعلى ما تملكه من أسلحة أميركية متطورة؛ مطمئنة إلى أن الغرب بقضه وقضيضه -والذي أنشأها لخدمة أهدافه في السيطرة على مقدرات الأمة العربية، وبغرض الحيلولة دون انبعاث هذه الأمة من جديد- سيهرع لنجدتها لمواجهة أي مأزق تضعها فيه حماقات قادتها، وطموحاتهم المغرورة في إعادة تشكيل المنطقة العربية وفق القواعد التي تضمن لهذه الدولة المسخ في الهيمنة المطلقة على كل حكوماتها -ولا أقل شعوبها؛ لأن ذلك لن يكون-. وأنا لا أستبعد، وقبل أن أدفع هذا المقال للنشر أن تقوم دولة الكيان بهجمات مسعورة تطال أكثر من عاصمة عربية ردا على الهجمات الصاروخية التي نفذتها ضدها إيران مساء أمس. فنتنياهو بات يتصرف ككلب مسعور، يضرب يمينا وشمالاً، وخاصةً بعد ما حققه من نجاحات تحسب له لا شك في اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، والعديد من قادة الصف الأول في الحزب، وما سبق ذلك من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، والغارات الجوية التي نفذها بمساعدة أميركية مباشرة على الحديدة في اليمن، إلى جانب وجبات القصف والقتل اليومي التي ينفذها ضد المدنيين يوميا في غزة ولبنان، وعلى الساحة السورية على مدار أعوام، وما ترتكبه القوات الإسرائيلية ورعاع المستوطنين من عمليات اقتحام وقتل وتجريف شوارع في الضفة الغربية واقتحامات للمسجد الأقصى، وأعين أهله من العرب والمسلمين في سبات.
أيها الإخوة العرب في كل مكان. نحن اليوم _وهذه مقولة ناصح محب- أمام مرحلة مفصلية من تاريخنا كأمة، وحتى كأقطار، فلا يفرحن أحدٌ في النأي بنفسه، فطوفان التغيير وإعادة تفصيل المنطقة وفق الهندسة الصهيونية قادم لا محالة إن لم تتداركوا أنفسكم. ولا يقولن أحدٌ إنه لا يعنينا مشروع إسرائيل الكبرى، وإننا مطبعون أو موقعوا اتفاقات سلام مع (إسرائيل). فإسرائيل الكبرى ليست خطراً على منطقتنا العربية فحسب؛ بل هي على العالم أجمع. فإسرائيل لم تعد اليوم تنصاع لأمر أحد، وأهل البيت الأبيض باتوا ينصاعون لرغباتها بعد أن كانوا يوجهون خطواتها. خوفي شديد على الأردن وسوريا ولبنان. خوفي على شعبي الفلسطيني وما سيحل به، خوفي على مصر التي ظنت خاطئة أن كامب ديفيد أراحها من صداع إسرائيل، خوفي على قناة السويس، خوفي على دول الخليج العربي واليمن والعراق. خوفي على الإبراهيميين من أبناء أمتنا الذين اختفت أصواتهم منذ طوفان السابع من أكتوبر.
لقد بات السكوت على إسرائيل جريمة، يشارك فيها العالم، وفي طليعته أمتنا العربية. فرغم أن حل المشكلة هو هين وسهل إلى أبعد الحدود إذا صدقت النوايا، إلا أن عدم إرغامها على ما أقرته القرارات الدولية، وتعترف به كل العواصم العالمية الحاضنة لدولة الكيان على تنفيذه يثير الكثير من التساؤلات. فإسرائيل في واقع الأمر تواجه معضلة في وجودها، مع أنها وفقا لما هو مطروح من مشاريع سلام في المنطقة يمكن أن تصبح جزءا من المنطقة في إطار حدودها. هذا إذا أعطت لأهل الأرض حقهم الهزيل الذي ارتضوا به. فلِمَ يصعب على العالم أن يفرض عليها هذا الخيار؟ هل سألتم أنفسكم كعرب؟ وهل توصلتم إلى جواب؛ حيث لا أرى إلا أن الأمر قد يكون إصرارا من أهل المؤامرة، على استمرار الدور الوظيفي للمشاغب والمشاغل الإسرائيلي، أو أنه الاستسلام الأوروأميركي للهيمنة المطلقة للصهيونية، التي باتت على ما يبدو هي الحكومة العالمية التي تحدثت عنها أدبيات الماسونية العالمية. وهذا الوضع الخطير يتطلب المواجهة.
لقد اثبت تولي إيران الظاهر لقيادة تيار المقاومة مدى الخطر الذي يتهددنا كامة عربية، ومدى خطورة غياب المشروع العربي، فإذا لم نكن نستيقظ اليوف، فمتى يمكننا أن نخرج من بين فكي الكماشة؟؟؟
ختاماً، للشابين من الخليل اللذين نفذا عملية يافا وقتلا ستة من الصهاينة وأصابا عشرة بجراح قبيل نصف ساعة من هجمات الصواريخ الإيرانية ألف ألف تحية. هكذا تكون المقاومة، فأداؤهما ربما كان أفضل من كل الصواريخ على أهميتها.