سلايدات

البقاء في الجحيم.. سوريون عالقون على حدود النار!

كتب موقع ليبانون فايلز:

جاءت الحرب الاسرائيلية على لبنان لتضع مزيداً من الملح على الجرح السوري المفتوح، فمن جهة كان لافتاً الترحيب السوري بـ “الأخوة” اللبنانيين الهاربين من الحرب وتسهيل إجراءات دخولهم الى جانب إطلاق خطط استجابة لاستقبالهم مع حديث عن وجود “مراكز إيواء” تتسع للآلاف منهم، وفتح الحدود أمامهم في حين كان سكان البلد الأصليين من جهة اخرى، ينتظرون في طوابير مرصوصة أولى أيام العدوان على معابر بلدهم بسبب عدم قدرتهم على دفع ضريبة الدخول المحدّدة بتصريف 100 دولار أميركي الى الليرة السورية!
التراجع عن قرار تصريف 100 دولار اميركي وتعليقه لمدة اسبوع فقط بعد نشوب الحرب بفترة ليست بوجيزة وحتى اشتدادها يوم الاثنين الفائت، في ظلّ وضع أقل ما يمكن وصفه بالجحيم يبعث الى تساؤلات عديدة، من بينها: كيف لأهل الدار العائدين اليها إيقافهم على أبوابها ومنعهم من الدخول وهم معرّضين لخطر الموت؟ وماذا لو لم يكن لدى اللاجئ هذا المبلغ؟ ماذا لو كان عدد أفراد الأسرة يفوق العشرة أشخاص (معلوم ان العديد من تلك العائلات بالكاد يملكون قوت يومهم) فمن أين سيحصلون على ألف دولار نقداً؟!

بالطبع يشكّل الترحيب باللبنانيين موقفاً تضامنياً يحسب لدولة جارة، وقد يكون أيضا إجراءً عادياً بين الدول ذات الحدود المشتركة تربطها أواصر التاريخ والجغرافيا وحتى القرابة، ولكن ماذا يفعل السوري العالق في الحرب الذي أجبر على دفع ما يشبه “الأتاوة” للجوء الى بلده في ذروة اشتداد عصف الحرب؟
مشهد آخر يدفع الى الاستغراب ويطرح أسئلة ذات بعد سياسي واقتصادي، يحتاج الى تفسيرات كثيرة هو تشرّد آلاف العائلات السورية وانتشارها على الأرصفة والطرقات وقد شوهد النساء والأطفال يفترشون الساحات وسط العاصمة وفي العديد من المدن الرئيسية، والأسباب عديدة منها عدم قدرة مراكز الايواء المحلية على احتضان اللبنانيين أنفسهم في ظلّ ارباك لبناني رسمي مع عدم وجود خطة استجابة فاعلة للحرب بسبب نقص موارد الدولة اللبنانية وضعفها وانهيار مرافقها ووقعها في العجز والمديونية.

وتشير التقارير الى ان أكثر من 200 ألف نازح خرجوا من لبنان عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية ثلثهم من اللبنانيين، منذ بدء توسّع العدوان الإسرائيلي، هو رقم ضئيل نسبة الى الوجود السوري الذي يقدّر بنحو مليون ونصف مليون سوري (وهو رقم غير دقيق والمرجح ان العدد اكثر نظرا لعدم القدرة على ضبط الاحصاء وانفلات حركة العبور اللاشرعي)، الا ان ذلك يعكس من جهة اخرى رغبة السوريين في مغادرة لبنان في الظروف الراهنة، انطلاقاً من اعتبارهم أن العودة إلى سوريا تشكّل خياراً أكثر أماناً من البقاء في لبنان، ويقود بالتالي إلى السؤال: لماذا لا تعمل مفوضية اللاجئين (UNHCR) على تسهيل العودة الآمنة الطوعية للنازحين السوريين إلى بلدهم، وعوض ذلك هي تلجأ الى طروحات ذات خلفية سياسية وتبدو مستعدة الى استحداث مراكز ايواء لهم في ظل تراجعها عن تأمين مستلزماتهم، حتى ان المفوّضية لم تتجاوب مع طلب الدولة اللبنانية تغطية نفقات علاج الجرحى السوريين من جراء العدوان، متذرّعةً بشحّ القدرات المالية!
ختاما، هل يمكن لبلد مثل لبنان في ظروف حرب مدمرة ان يُتّهم بالعنصرية في حال تحركه للحدّ من استنزاف موارده الشحيحة؟ وهل الأطفال والنساء السوريين في الشوارع هم جميعاً مطلوبون للمحاكمة من قبل النظام السوري؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى