سلايدات

ترويكا جديدة لإدراج بند السلاح على طاولة الحكومة؟

كتبت ندى أندراوس في المدن:

في ظلّ انسداد الأفق السياسيّ وتصاعد المخاوف الأمنيّة والاقتصاديّة، تعود مسألة سلاح حزب الله إلى واجهة النقاش الوطني، ولكن هذه المرّة من باب المؤسّسات لا الشعارات، ومن خلال حراك منسَّق بين “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” و”الحزب التقدّمي الاشتراكيّ”. الهدف: إدراج بند “حصر السلاح بيد الدولة” على جدول أعمال مجلس الوزراء، وعلمت “المدن” أنّ المجلس سيعقد جلسته نهار الثلاثاء المقبل على أنّ يكون موضوع حصر السّلاح أحد أبرز بنود النقاش، ليكون ذلك مدخلًا إلى معالجة جذريّة لأحد أكثر الملفات حساسيّة في الحياة الوطنيّة اللبنانيّة.

“القوّات” في كليمنصو: بداية التنسيق التنفيذي

في هذا السياق، كشفت معلومات لـ”المدن” أنّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وخلال زيارته الأخيرة إلى كليمنصو ولقائه الرئيس السابق لـ”الحزب التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ناقش ضرورة طرح بند حصر السلاح على طاولة مجلس الوزراء، انطلاقًا من أنّ هذه المؤسّسة هي المعنيّة دستوريًّا باتخاذ قرارات من هذا النوع. وقد اتّفق الطرفان على أنّ إدراج البند يشكّل الخطوة الأولى نحو مناقشة جديّة في السلطة التنفيذيّة، تمهيدًا للوصول إلى القرار المناسب، وفق آليّة واضحة وتحت سقف المؤسّسات.

“القوات اللبنانية”، ومنذ ما قبل انتخاب الرئيس جوزاف عون، تبنّت موقفًا ثابتًا برفض السلاح غير الشرعي والدعوة إلى سحبه، وهو موقف لم يتغيّر بعد انتخاب عون ولا مع تشكيل الحكومة. أمّا اليوم، فتؤكّد القوات أنّها دخلت مرحلة تنفيذيّة جديدة تقوم على الانتقال من المواقف النظريّة إلى خطوات عمليّة، تبدأ بمناقشة الموضوع على طاولة مجلس الوزراء:

  • وضع جدول زمني واضح لتسليم السلاح.

  • اعتماد آليّة تنفيذيّة بمواعيد دقيقة.

  • تنفيذ كامل القرار 1701.

وترى “القوات” أنّ الاستمرار في الكلام النظري عن احتكار الدولة للسلاح وقرار الحرب لم يعد كافيًا، وأنّ عدم ترجمته إلى خطوات تنفيذيّة يترك الساحة لمصلحة التنظيمات المسلّحة غير الشرعيّة. وتلفت مصادرها إلى أنّ “الكلام جميل، لكن من دون أفعال تتحوّل الدولة إلى متفرِّج على انهيار أركانها.

وفي موازاة ذلك، تنفي مصادر معراب وجود أي نيّة للخروج من الحكومة، مؤكّدةً أنّ القوات تتعاطى مع الملف من منطلق المصلحة العليا للبنان. وتضيف: “حين لا تمارس الدولة دورها، فإنّها تعرّض اللبنانيين لمزيد من الموت والحصار والانهيار المالي والسياسي، وربما لانفجار أمني يشبه ما حصل في أيلول 2024”.

وتذكّر “القوات” بالمعادلة التي طرحها الموفد الأميركي توم براك، القائمة على ضرورة التوفيق بين المبدئيّة السياسيّة والممارسة الواقعيّة: فالمبدأ ـ أي احتكار السلاح بيد الدولة ـ مهم، لكنّه لا يساوي شيئًا إذا لم يُترجم في عمل مؤسّساتي واضح. بناءً عليه، تؤكّد القوات أنّها منذ اللحظة الأولى طالبت بـ:

  • إحالة الملف إلى المجلس الأعلى للدفاع.

  • عرض ورقة توم براك داخل مجلس الوزراء.

  • إدراج بند السلاح رسميًّا على جدول الأعمال.

  • إقرار الورقة وتنفيذها عمليًّا وفق جدول زمني وآليّة تنفيذية.

وتشدّد على أنّ هذه الإجراءات تقع ضمن صلاحيات السلطة التنفيذيّة، ولا تتعلّق بإبرام معاهدة، بل تتصل مباشرةً بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدوليّة، ولا سيّما القرار 1701.

“الاشتراكيّ”: التزام رمزي وثبات سياسي

موقف “الحزب التقدّمي الاشتراكي” لم يكن يومًا ملتبسًا؛ فهو لا يزال ثابتًا على الدعوة إلى حصر السلاح بيد الدولة، وقد عبّر عن ذلك بخطوة رمزيّة حين سلّم ما تبقّى من سلاحه إلى الجيش اللبناني، في مبادرة تعكس التزامًا واضحًا بوحدة القرار الأمني والعسكري تحت سقف الشرعيّة.

وتؤكّد المعلومات أنّ الاتصالات مستمرّة بين الاشتراكي وباقي القوى، كما مع رئيس الجمهوريّة ورئيسي مجلس النواب والحكومة، للدفع باتجاه إدراج بند السلاح على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء. غير أنّ الاشتراكي، كسائر الأطراف، ينتظر موقفًا واضحًا من رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة، سواء لجهة الإدراج أو لجهة الإجراءات التالية المرتبطة بالمضمون والآليّات والمهل الزمنية.

“الكتائب”: الحسم السيادي لا يحتمل التأجيل

ترى “الكتائب اللبنانية” في استمرار إرجاء ملف السلاح مراوغة خطيرة تمسّ جوهر السيادة. وتشدّد مصادرها على أنّ موضوع حصر السلاح لا يمكن أن يبقى “معلّقًا أو مؤجَّلًا أو غير واضح المعالم”، ولهذا نشأ منذ البداية تنسيق بين الكتائب والقوات والاشتراكي. وقد تُوِّج هذا التنسيق باتفاق على تشكيل وفد وزاري ثلاثي يزور رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة لحثّهما على الانتقال من المواقف النظريّة إلى خطوات تنفيذيّة ملموسة، ليُبنى على نتيجة الجولة ما يقتضي.

إدراج البند أم تفجير الحكومة؟

قد تكون جلسة مجلس الوزراء المرتقبة نقطة تحوّل مفصليّة في هذا الملف؛ فالأحزاب الثلاثة تترقّب ما إذا كان بند حصر السلاح بيد الدولة سيُدرج على جدول الأعمال أم تؤجَّل المعالجة مجدّدًا وسط تجاذبات المعايير والاعتبارات السياسيّة.

وفي حال لم يُدرج البند، فإنّ القوى الثلاث ستبني على الأجوبة الواردة من رئاستي الجمهوريّة والحكومة، تحديدًا لجهة الموقف من إدراجه كمدخل وخطوة على طريق البحث الأشمل في مصير السلاح. إذ لم يعد ممكنًا التعامل مع ملف سلاح حزب الله كموضوع قابل للمساومة أو التأجيل؛ فالمشكلة لم تعد سياسيّة فحسب، بل باتت مرتبطة جوهريًّا بأمن اللبنانيين واستقرارهم الاقتصادي والسياسي. ومن هنا، ترى القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية والحزب التقدّمي الاشتراكي أنّ مجلس الوزراء هو المكان الطبيعي لبدء المعالجة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى