سلايدات

أخطار جديدة تتهدَّد لبنان والمرفأ في مرمى النيران الإسرائيلية

كتب العميد الركن نزار عبد القادر في اللواء :

لا يملك الاعلاميون دون شك، وأنا واحد منهم، كل المعلومات التي يملكها الرؤساء الثلاثة الذين اجتمعوا خلال الايام الثلاثة الماضية بمساعدة مندوب الرئيس دونالد ترامب الى الشرق الاوسط مورغان اورتاغوس. لكن هذا لا يعني بأن المعلوم من المواقف والمعلومات عن التطورات المتواصلة لا يكفي لتحليل الاوضاع الراهنة والنظر الى المسارات المستقبلية للازمة الراهنة التي يواجهها لبنان في ظل استمرار الخروقات الاسرائيلية المستمرة للقرار 1701، وبالتالي استمرار احتلال اسرائيل لخمس نقاط استراتيجية داخل لبنان، واستهداف عناصر من حزب الله في الجنوب والبقاع، ووصولاً الى الضاحية الجنوبية.
في الزيارة الثانية للبنان سمع الرؤساء الثلاثة من اورتاغوس مطالب واضحة وصريحة حول ضرورة نزع سلاح حزب الله وضرورة استعادة لبنان لسيادته على جميع اراضيه من خلال نزع سلاح جميع المجموعات اللبنانية والفلسطينية.
وكان اللافت ان صراحتها بلغت مستوى دعوتهم للاختيار ما بين الابقاء على السلاح وواشنطن، والكل يعلم بأن واشنطن تشكل الضامن الوحيد لخروج اسرائيل من لبنان.
صدقت اورتاغوس عندما قالت بأن لبنان هو امام فرصة هامة، ويجب عليه عدم اضاعتها. وتتمحور هذه الفرصة حول المساعي الاميركية الحثيثة لتأمين انسحاب اسرائيل من الجنوب، ووقف الخروقات الاسرائيلية المتكررة، وتثبيت وقف اطلاق النار، مع امكانية العودة لتطبيق هدنة 1949.
ويبدو حتى الآن بزن الدولة لم تبادر الى فتح ملف سلاح حزب الله، وتكتفي الآن باعتماد مجموعة من القرارات الاصلاحية الضاغطة والمطلوبة من صندوق النقد الدولي، ويبدو بأن الموفدة الاميركية قد ابدت ارتياحها لاتخاذ الحكومة خطواتها الاصلاحية، وكأنها لم تنسَ ان تذكِّر الرؤساء بضرورة العمل بجد لانهاء ثنائية السلاح وبالتالي تسريع هذه المبادرة. لكن يبدو بأن كلام المسؤولين عن التريث واعطاء المزيد من الوقت لتنفيذ خطوة حصرية السلاحة لم يكن مقنعاً لها. وبأن هذا التأخير سيؤدي حتماً الى تأخير الانسحاب الاسرائيلي ووقف الاغتيالات المستمرة لعناصر حزب الله، وتأخير اطلاق الاسرى اللبنانيين لدى اسرائيل.
وذهبت الموفدة الاميركية وبصراحة مطلقة الى ربط وصول المساعدات للبنان والبدء باعادة الاعمار بمسألة حل مشكلة سلاح حزب الله شمالي نهر الليطاني.
في رأينا يبدو بأن المسؤولين اللبنانيين لا يأخذون بالحسبان انعكاسات التطورات التي تجري في المنطقة سواءٌ في غزة او في سوريا او في العراق. فالحرب في غزة تشهد تصعيداً كبيراً، ويترافق مع هذا التصعيد وجود نوايا اسرائيلية لاحتلال مناطق واسعة من القطاع بالاضافة الى عودة الرئيس ترامب بعد محادثاته مع نتنياهو لتجديد مطالبه باخلاء القطاع من سكانه وتحويله الى منطقة سياحية مميزة. اما في سوريا فإن التصعيد الاسرائيلي قد بلغ ذروته من خلال تكثيف الضربات الاسرائيلية، من جهة، وبدعوة تركيا الى تقاسم سوريا وتحويلها الى مناطق نفوذ تركية – اسرائيلية.
ولا بد من التحذير من وجود مخطط اسرائيلي لدفع الاوضاع في سوريا الى حالة من الفوضى، وتخريب المسار الاصلاحي الذي يتبعه احمد الشرع مع حكومته الجديدة، وذلك بوضع خطة لاغتياله تمهيداً لإشاعة حالة من الفوضى العامة في سوريا. ولا بد هنا من الاشارة الى ان اسرائيل تنظر الى سوريا كميدان مركزي لتغيير موازين القوى الاقليمية، وخصوصاً بالنسبة الى تركيا وايران والعراق ولبنان. اذا اسقطت اسرائيل الحكوم السوري الراهن فإن ذلك سينعكس سلباً على الاستقرار في لبنان، وعلى مخططات رئيس الجمهورية جوزاف عون وحكومة نواف سلام للاصلاح والانقاذ واستعادة الدولة لسيادتها على الحدود السورية – اللبنانية.
إن على السلطة في لبنان أن تتعظ من الاخبار الواردة من العراق حول العمل على نزع سلاح فصائل الحشد الشعبي الموالية لايران، وتحويل بعظها لاحزاب سياسية، في ظل وجود تهديدات اميركية بضربها، على غرار ما يجري في اليمن ضد الحوثيين، وتؤشر الامور في هذا السياق الى وجود قرار اميركي صارم للعمل بالتوازي مع اسرائيل لتفكيك جميع الاذرعة الايرانية في المنطقة.
اما بالنسبة لتركيا فإن اسرائيل جادة بممارسة سياسة عسكرية هجومية داخل سوريا وذلك لمنع اردوغان من اقامة قواعد عسكرية في وسط سوريا، ويبدو بأن تل ابيب لن تسمح بتمدد القوات التركية والاقتراب من حدود اسرائيل، كتهديد بديل لوجود ايران وميليشياتها في سوريا اثناء فترة حكم بشار الاسد.
اما في ما يعود لايران فقد اعطت مؤشرات عن تخليها عن عدد من اذرعتها المسلحة في العراق واليمن وسوريا وغزة، وذلك في محاولة لحماية نفسها من العمليات الاميركية والاسرائيلية المحتملة. ولكن لا يبدو اطلاقاً بأن ايران هي مستعدة للتخلي عن حزب الله وسلاحه، حيث يشكل «الجوهرة» في التاج الايراني. اظهرت ايران حرصها على الحفاظ على حزب الله من خلال مساعيها المتكررة للاستمرار في تمويله بوسائل عديدة، كان ابرزها عبر طائرات مدنية ايرانية تحط في مطار بيروت او عبر مسافرين قادمين من تركيا. لن تكتفي ايران بتمويل الحزب بل تسعى جاهدة لتعويض خسائره بالسلاح، وبطرق جديدة بعد اقفال خط التموين عبر سوريا، وتفيد آخر المعلومات الغربية بأن الاختيار الايراني قد وقع على اعتماد خط تموين بحري، وعن طريق مرفأ بيروت، حيث يمتلك حزب الله شبكة من العملاء، وهذا ما اثبته انفجار النيترات في مرفأ بيروت.
وتؤكد المصادر الغربية وجود اختراقات كبيرة لحزب الله في مرفأ بيروت سواءٌ على مستوى السلطات الادارية للمرفأ او جهاز الجمارك، وبلغت دقة المعلومات تسمية مسؤول للحزب يدير هذه العمليات والى تسمية اجهزة الحرب الثوري المولجة بتنفيذ التهريب بحراً.
اللافت ان تسريب هذه المعلومات يأتي في اليوم التالي لمغادرة اورتاغوس لبيروت، والتي صرحت للعربية -الانكليزية بأن على لبنان التخلي عن «سرطان حزب الله».
في ظل التطورات الجارية في المنطقة والمعلومات الجديدة عن بدء تهريب السلاح بحراً الى مرفأ بيروت، لم يعد من الجائز للرئيس والحكومة المطالبة بمزيد من «الوقت والمساحة» لمعالجة وجود سلاح الحزب شمالي الليطاني، ولا بد من الاخذ بعين الاعتبار ردود الفعل الاسرائيلية والاميركية على الاخبار الواردة عبر تهريب السلاح بحراً الى بيروت.
ان مخاطر المرحلة تتطلب من السلطات التنفيذية اتخاذ قرار حاسم لمعالجة السلاح قبل فوات الاوان وتدمير مرفأ بيروت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى