كتبت بولين فاضل في صحيفة الأنباء الكويتية:
من الحقائق المؤكدة في العدوان الإسرائيلي الواسع على لبنان منذ 23 سبتمبر الماضي، اعتماد إسرائيل سياسة الأرض المحروقة و«مسح» ما أمكن من بلدات في جنوب لبنان، لقطع الطريق أمام أي عودة لسكانها إلى بيوتهم بعد انتهاء الحرب، فكم تبلغ خسائر المساكن حتى اليوم وكلفة عملية إعادة إعمارها، وكم تحتاج هذه العملية من الوقت؟
بالاستناد إلى لغة الأرقام، قال الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين في حديث إلى «الأنباء»: «تتركز الخسائر الأكبر في القرى الأمامية المحاذية للشريط الحدودي والممتدة من الناقورة غربا إلى شبعا شرقا، وهي تحديدا 29 قرية تم تدمير نحو 22 قرية من بينها تدميرا كليا مثل الظهيرة، يارين، مروحين، كفركلا، العديسة، عيتا الشعب»، وأضاف «في المنطقة الحدودية هناك 30 الف منزل دمر من بينها 22 الف منزل بشكل كامل على مساحة تبلغ 300 كيلومتر مربع».
وقدر شمس الدين عدد المنازل المدمرة كليا في كل لبنان جراء الحرب «بنحو 40 ألفا، فيما المنازل المدمرة جزئيا هي 25 ألفا وقد تكون غير صالحة للسكن وتحتاج إلى إعادة بناء، يضاف اليها 122 ألف منزل أصيبت بأضرار طفيفة، ما يعني أن المجموع هو 193 الف وحدة سكنية».
وبحسب شمس الدين فإن «كلفة إعادة الإعمار لكل وحدة سكنية مدمرة كليا هي 75 ألف دولار، و25 ألف دولار للوحدة المدمرة جزئيا، و5 آلاف دولار للمنزل الذي طالته أضرار بسيطة، فيكون مجموع كلفة إعادة إعمار المنازل نحو 4 مليارات و250 مليون دولار».
وعن كيفية تقدير هذه الكلفة، أوضح شمس الدين أن «التقديرات هي أولية لأن ثمة بيوتا في ميس الجبل أو الخيام أو مركبا أو حولا، تقدر قيمة البيت الواحد منها بمليون دولار مثلا، لذا كان اعتماده على متوسط الكلفة».
أمين السر السابق في نقابة المهندسين في لبنان ورئيس لجنة السلامة العامة في اتحاد المهندسين العرب علي الحناوي قال بدوره في حديث إلى «الأنباء»: «تتراوح الوحدات السكنية المدمرة بين مبنى مستقل مساحته من 100 إلى 700 متر مربع ومبان متعددة الطوابق فيها وحدات سكنية تتراوح مساحة الوحدة بين 90 إلى 200 متر مربع».
وعن تكلفة إعادة بناء الوحدة السكنية، قال م.الحناوي إنها «تختلف تبعا لوجودها في بناء متعدد الطبقات أو في بناء مستقل وما يتبعه من ملحقات»، وأضاف «في البناء المتعدد الطبقات في المدن، تتراوح تكلفة إعادة إعمار الشقة بمساحة وسطية، والتي تعرضت لهدم كلي 125 الف دولار. فيما تكلفة الوحدة السكنية المستقلة بمساحة وسطية هي 150 الف دولار. اما الشقق التي تعرضت للهدم الجزئي، فتتراوح تكلفة الإعمار وبحسب نموذج البناء بين 30 الفا و60 الف دولار، والترميم بين 5 آلاف و15 الف دولار».
وبحسب م.الحناوي إن «مرحلة الإعمار تحتاج وقتا يمتد حتى 6 أشهر للوحدات الصغيرة المستقلة، و4 سنوات للأبنية الكبيرة المستقلة او المتعددة الطبقات،
وهذا أمر مرتبط أيضا بالتمويل وتسهيل اجراءات البناء وإزالة العقبات التي ستنشأ لاحقا خلال مرحلة الإعمار والتعويضات وخلافه».
وبالنسبة للبيوت المتصدعة والآيلة إلى السقوط، قال «تحتاج إلى كشف دقيق كي يؤخذ القرار المناسب بالنسبة إلى كل مبنى على حدة وطريقة التعامل معه سواء بالتدعيم والترميم أو الهدم واعادة البناء»، وأكد أن «هذه العملية تحتاج إلى جهود كبيرة سوف يبدأ العمل والتحضير لها من خلال نقابة المهندسين واتحاد المهندسين العرب، للقيام بالكشف اللازم تمهيدا لتقديم الدعم الفني المباشر».
إذا كان المسح الدقيق للخسائر ينتظر انتهاء الحرب، فإن الإحصاء التقديري أو التقريبي للخسائر هو من الضرورات الملحة للتخطيط لليوم التالي عبر تقدير كلفة إعادة الإعمار. إلا أن الاكيد أن الفارق كبير بين خسائر حرب يوليو 2006 والحرب الراهنة. ويكفي أن الخسائر المرتبطة بالمساكن بلغت في حرب 2006 نحو 2.2 مليار دولار، فيما تخطت حتى اليوم 4.260 مليارات دولار، وهذا يعني الحاجة إلى ضعف الدعم العربي والدولي، وإلا لن تكون للبنان قيامة.