بعد عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الساحة السياسية، تتباين الآراء في إيران حول مستقبل العلاقة معه، ما بين الدعوة إلى التحفظ والتعاون الحذر. خلال ولايته الأولى، كان لترمب دور كبير في توتر العلاقات بين البلدين، حيث انسحب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية شديدة على إيران. كما أنه استهدف الجنرال قاسم سليماني، قائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، وهو ما تسبب في خلق حالة من العداء الشديد من قبل السلطات الإيرانية تجاهه. ورغم هذا التاريخ الحافل بالتوترات، ظهرت دعوات داخل إيران تدعو إلى التكيف مع عودة ترمب ومحاولة الاستفادة من “فرصة جديدة”.
في الأسبوع التالي للانتخابات، ظهرت تصريحات عدة من مسؤولين وصحف إيرانية، مثل صحيفة “شرق” الإصلاحية، التي دعت الحكومة الإيرانية إلى “تجنب أخطاء الماضي” وتبني سياسة متعددة الأبعاد وواقعية. واتفقت شخصيات عديدة في الحكومة على أن ترمب يميل إلى عقد الصفقات وقد تكون هيمنته في الحزب الجمهوري سبباً في إضفاء استمرارية على أي اتفاق محتمل، مما يعزز فرص تفاهم طويل الأمد بين البلدين.
ومع ذلك، تبقى القرارات الحاسمة في إيران بيد المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يحظر حالياً أي مفاوضات مع الولايات المتحدة. ويظل هذا الموقف عقبة رئيسية أمام أي جهود لتحقيق انفراجة دبلوماسية. علاوة على ذلك، يعارض العديد من المحافظين والمتشددين أي انخراط مع ترمب، إذ يعتبرون ذلك “خيانة” لذكرى سليماني ويعبرون عن خشيتهم من أن يؤدي التفاوض مع الإدارة الأميركية إلى تفريط بالمصالح الوطنية.
أحد أبرز المتحدثين عن أهمية التفاوض مع ترمب هو السياسي البارز حميد أبو طالبي، الذي نصح الرئيس الإيراني الجديد بتهنئة ترمب واتخاذ نهج براغماتي. ومع ذلك، فإن العديد من المحللين يرون أن أي محاولة للانخراط مع الولايات المتحدة يجب أن تحترم توجهات خامنئي وتلبي احتياجات النظام. فالمعارضون لأي تواصل يرون أن ترمب قد يعزز من نفوذ إسرائيل ويشكل خطراً على مصالح طهران في الشرق الأوسط.
إلى جانب ذلك، تواجه إيران صعوبات اقتصادية داخلية تدفعها إلى التفكير في تحسين علاقاتها الخارجية؛ حيث يعاني الاقتصاد من العقوبات المتزايدة، والتضخم في ارتفاع، وهناك استياء شعبي واسع النطاق. يرى خبراء أن الإبقاء على الوضع الراهن سيزيد من الأعباء الاقتصادية، وبالتالي فإن حكومة بزشكيان قد تكون ملزمة باتباع سياسة وسطية تعكس مطالب شعبية بالانفتاح على العالم وضرورة الحفاظ على مكانة إيران الإقليمية.
يرى بعض المحللين في طهران أن تخفيف حدة الصراع مع الولايات المتحدة قد يساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية، لكنهم يحذرون من الوقوع في فخ تنازلات كبيرة. ويؤكد هؤلاء أن أي صفقة مع ترمب يجب أن تتيح لإيران هامشاً للحفاظ على ماء الوجه أمام الرأي العام المحلي.