
كتب صلاح سلام في اللواء:
ما يتردد في واشنطن وتل أبيب حول مشروع لوقف إطلاق النار في لبنان، يبدو أنه كلام من نوع ذر الرماد في العيون، لصرف الأنظار عن وحشية الغارات المكثفة التي يشنها العدو الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، وعلى القرى الآمنة في الجنوب والبقاع، وصولاً إلى بعلبك والهرمل، وقتل عائلات بأكملها، وإيقاع عشرات الضحايا من ألأطفال والنساء.
كيف يُعقل الحديث عن مسودة لإتفاق وقف الحرب، جرى إعدادها في محادثات إقتصرت على مندوبين أميركيين وإسرائيليين، وغاب عنها لبنان بالكامل، وكأن دور الدولة اللبنانية التي تتعرض لأشرس عدوان إسرائيلي، هو«البصم» على ما يتم الإتفاق عليه بين الحليفين اللدودين، والخضوع للشروط الإسرائيلية لوقف نار الحرب على بلد الأرز.
لبنان الرسمي والشعبي مع وقف فوري للحرب أمس، كما يقول الرئيس نبيه بري، قبل اليوم، وذلك على أساس القرار ١٧٠١، الذي وفّر الأمن والإستقرار على طرفي الحدود الجنوبية، وليس بالخضوع للشروط الإسرائيلية، وفي مقدمتها فرض رقابة إسرائيلية دائمة على لبنان، جواً وبحراً وبراً، للتأكد بعدم عودة البنية التحتية العسكرية لحزب لله، وضمان عدم عودة عناصره إلى جنوب الليطاني.
إن الحرص اللبناني على وقف الحرب، ولجم آلة الدمار الإسرائيلية، التي تُمعن في نشر الخراب في الضاحية، حيث تفيد الإحصائيات الأولية عن تهديم ٢٥٠ مبنى، حتى يوم أمس، وتضرر مئات المباني المجاورة، يقابله توغل الجانب الإسرائيلي في العملية البرية، بإعتراف رئيس الأركان الإسرائيلي نفسه ووزير دفاعه، حيث أعلنا إنتقال جيش الإحتلال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الحرب على لبنان،وهدفها نزع سلاح حزب لله، وإتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع عودة مقاتلي الحزب إلى القرى الأمامية خاصة، وإلى جنوب الليطاني بشكل عام.
رب قائل أن تنفيذ القرار ١٧٠١ يحتاج إلى آلية تنفيذية، لم تكن موجودة طوال الفترة السابقة. وهذا كلام صحيح. ولكن الأصح أيضاً أن العمل على وضع مسار تنفيذي للقرار الأممي، لا يتطلب إدخال تعديلات أساسية فيه، توجب إصدار قراراً جديدًا 1701 plus مثلاً، يتضارب مع معطيات السيادة والإستقلال لدولة هي مُؤَسِسة في منظمة الأمم المتحدة في فترة بعد الحرب العالمية الثانية، ولا تراعي أبسط متطلبات بناء دولة متماسكة، لبنان بأمس الحاجة لها، ليستطيع الخروج من دوامة أزماته الراهنة، وفي مقدمتها تداعيات هذه الحرب العدوانية السافرة.