بقلم : عادل أبو هاشم
انحراف القلة لا يشين جهاد الشعوب ولا سمعتها ، وقد مرت بمختلف الأوطان أحداث تاريخية عديدة جابهت فيها الأعداء بكل شجاعة وتضحية ، ومع ذلك برز من بين صفوفها من هادن هؤلاء الأعداء وأرشدهم أو سار في صفوفهم ، ومع ذلك استمرت السمعة الأصيلة مثلها الأعلى ولونها المشرق الجذاب ، وأصبح تاريخها النضالي منارة يحتذي بها في مقاومة الاحتلال .
تعرضت فرنسا لغزو هتلر الساحق وركعت باريس مدينة النور تحت نير الاحتلال خاضعة مستسلمة ووقع الماريشال فيليب بيتان صك الاستسلام ، وطوال أربع سنوات كانت جموع الفرنسيين في الخارج تكون حركة المقاومة ضد الغزاة ، وكانت حركة المقاومة في الداخل تتزايد وتنمو مع وجود فريق يتعاون مع المحتلين ، كان هناك من سالمهم وقدم لهم الغذاء، ومن قدم لهم المعلومات والإرشاد ومخازن السلاح بما يشكل انحرافاً وخيانة بالمعنى الوطني ..!!
ولكن فرنسا التي حررها الحلفاء تتربع اليوم معتزة بوطنيتها .
وبريطانيا حين سلط هتلر جموع طائراته يدكها بالقنابل ، وحين أرسل جيوشه تدمر القارة الأوربية حيث رحلت جيوش بريطانيا تجر أذيال الخيبة ، و أضطرهم هتلر أن يستعملوا البواخر والصنادل والأخشاب هاربين من دنكرك ، وحين عاش شعبها في الأنفاق شهوراً طويلة ، كان أحد أبنائها يذيع من برلين كل مساء أن النظام البريطاني يجب أن يزول ، وأن ألمانيا هي التي أرسلتها العناية الإلهية لتقوم اعوجاجا وكان هذا هو المسمى اللورد ( هوهو) .!
وبعد الحرب العالمية الثانية عشنا سنوات طويلة نحن نستمع لهروب عدد من علمائها ودبلوماسييها حاملين أسرار بلادهم إلى روسيا جاعلين مصلحة أوطانهم في الحضيض ، وما قصة برجيس الدبلوماسي ولا جون فيلبي مراسل مجموعة الصحف البريطانية الكبرى وما قصتهم على الجميع ببعيدة وهم يختفون هاربين إلى موسكو وفي جعبتهم الكثير من الأخبار والأسرار ، وكل هذه الحوادث على ما فيها من هوان على الوطنية لم تحطم سمعة الشعب البريطاني الذي يشهد له التاريخ بقوة الاحتمال والصبر الذي قاده إلى النصر .
ويطول بنا ضرب الأمثلة واستعراض الشواهد لو تحدثنا عن كوسيلنج في دول اسكندنافيا، وكيف عاون الألمان وساعدهم وساق قسماً من جيوش بلاده تدافع عن الاحتلال ، ومع هذا فشعب اسكندنافيا معتز بتاريخه المجيد وخيانة القلة لم تخدش من كبرياء الأكثرية شيئاً .
وكيف تحرك قسم من قادة إيطاليا يجرون الكرسي من تحت زعيمها موسوليني حتى هوى ، و أخذوا زعيمها وقائدها الذي كان يخيف الدنيا مكبلاً بالحديد إلى ساحة دووموا في ميلانو وشنقوه من رجليه ثم انهالوا عليه بالرصاص .
ومع هذا فشعب إيطاليا يكرر أنه بذل في الحرب الكثير استهدافاً للنصر ، وأن الأحداث المختلفة أو انحراف قلة من أفراده لا تجعله يحاول التخلص من تاريخ المجد العريق .
و ما يطلق عليهم في الجزائر بـ ” الحركيين ” ، وهم الجزائريين الذين كانوا مجندين في صفوف الجيش الفرنسي إبان الثورة الجزائرية ( 1954 ــ 1962 م ) ، وقد استعملتهم فرنسا من أجل قمع المجاهدين الجزائريين والتجسس عليهم ، وبعد انتصار الثورة الجزائرية أصبحت هذه الثورة مثلاً تحتذي به الشعوب وتستمد منها أسلوب كفاحها ، ولقبت الجزائر ببلد المليون ونصف المليون شهيد في الوطن العربي .
و في هذه الأيام التي يتعرض فيها قطاع غزة لحرب إبادة وتطهير عرقي يشنها العدو الإسرائيلي بجميع شرائحه وأحزابه بقيادة مجرم الحرب ” بنيامين نتنياهو ” ، خرجت علينا فئة من رعاة الإنبطاح والإستسلام الذين فضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضيته الوطنية بتصريحات وبيانات و مواقف تدل على مدى الخسة والنذالة التي وصلوا إليها وذلك بالهجوم على رجال المقاومة بأشد العبارات، وتلفيق الأراجيف والأكاذيب الرخيصة التي تعبر عن شخصياتهم وأخلاقهم ، حيث شكل هؤلاء ” طابوراً خامساً ” مع الذباب الإلكتروني التابع لأجهزة التنسيق الأمني مع العدو لا يعترف بوجود شيء اسمه ” شرف الخصومة ” ، وقد استخدم هذا الطابورسلاح ” شيطنة الآخر ” ببراعة إحترافية ، وذهنية في منتهى الخسة والقذارة ،..!!
فقد تفوق هؤلاء الغربان على ” أفيخاي أدرعي ” الناطق باسم جيش العدو الصهيوني في شتم فصائل المقاومة والمجاهدين .. !!
إنهم نفس الطابور الخامس الذين تسابقوا في تشويه تاريخ و نضال وجهاد الشعب الفلسطيني في إنتفاضة الأقصى ، وإشاعة روح الإنهزامية والإستسلام ، وتشجيع العدو على مواصلة عدوانه ..!!
فقد خرج هذا الطابور من أصحاب شعار ” بدنا نعيش تحت بساطير الإحتلال ” من أيتام دايتون ، و صبيان أفيخاي أدرعي بحملة مشبوهة احتوت على كثيرمن الأكاذيب و الإفترائات بحق فصائل المقاومة الفلسطينية و المقاومين تحقيقا لمقولة ” يجب قتل الشرف … ليحيا العار من أجل أن تتساوى الرؤوس ” ، و ذلك من خلال المقالات و نشر التغريدات و التعليقات والمقابلات في القنوات الفضائية التي تكن العداء لكل فلسطيني، و التي تحتوي على كثير من الأكاذيب و الإدعاءات و الفبركات الخطيرة ، أقل ما يقال عنها أنها من أحاديث الإفك المفترى الذي يستهدف التضليل ، و قلب الحقائق ..!!
إن الهجمة الإعلامية على فصائل و حركات المقاومة و المجاهدين هذه الأيام تعيد إلى الأذهان المحاولات العديدة التي مارستها بعض القوى في السابق لتصوير حركات و فصائل المقاومة على غير حقيقتها ، وهي نفس النغمة التي يرددها عملاء الإحتلال في التسابق على تشويه وتسفيه تاريخ جهاد ونضال الشعب الفلسطيني، والمطالبة بتجريد الفلسطينيين من السلاح الوحيد الذي تبقى لهم ، وغضوا الطرف عن حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا ..!!
وبعد :
هناك حكمة قديمة تقول :
إذا أردت أن تعرف مَن هُم أولاد الكلبة ؛ فاضرب الكلبة ؛
و مَن يبدأ بالنباح عليك فهو ابن الكلبة …!!!
وفي فلسطين :
المقاومةُ ضربت الكلبةَ
و بدأ أبناؤها بالظهور و النباح من كل مكان …!!!
شاهت الوجوه …!!!
——————————————
الخميس ٢١ / ١١ / ٢٠٢٤م