كتب كبريال مراد في “نداء الوطن”:
ثلاث مفاجآت حملتها أمس جلسة الساعتين التشريعية في ساحة النجمة. تمثّلت الأولى، بتحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري التاسع من كانون الثاني 2025 موعداً لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية. أمّا الثانية، فسجّلها نواب “حزب الله” بتعديل موقفهم من التمديد لقائد الجيش ولو بشكل مشروط بربطه بسلّة العمداء. في حين شكّل دخول الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان إلى القاعة، وجلوسه إلى جانب الصحافيين، المفاجأة الثالثة.
وكان موعد لودريان مع برّي محدداً عند الظهر. لكن الزائر الفرنسي وصل إلى البرلمان، بينما كان المجلس يناقش البند الأبرز على جدول الأعمال، ألا وهو التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية. وبخلاف ظروف مشابهة، لم يترك برّي مقعده لنائبه، ربما لأنّ ضبط بوصلة الجلسة يتطلّب حضوره شخصياً.
أمّا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فقابل دخول لودريان بالتصفيق. وللوهلة الأولى، ظنّ النواب أن ميقاتي يتفاعل تأييداً مع ما يقوله النائب جميل السيّد، قبل أن ينتبهوا إلى حقيقة الأمر. وكان السيّد يقدّم مقاربته لضرورة شمول التمديد من هم برتبة عميد، وليس عماد ولواء فقط.
وكما سبق وذكرته “نداء الوطن” أمس، أن البرلمان حسم التمديد لسنة لقائد الجيش العماد جوزيف عون ومديريّ عام قوى الأمن الداخلي والأمن العام اللواءين عماد عثمان والياس البيسري. وغاب عن الجلسة نواب “التيار الوطني الحر”. ولم تفض النقاشات في اليومين الماضيين إلى حسم مسألة التمديد للعمداء. وفضّل ميقاتي صيغة “تكتّل الاعتدال” التي تشمل عون وعثمان والبيسري فقط “لتقليص المتطلبات المالية على الدولة” وذلك عندما سأله النائب جورج عدوان عن رأيه. لكن الصيغة التي تشمل العمداء هي ما تم إقرارها بعد طرحها على التصويت بالمناداة (أي بتلاوة أسماء النواب الموافقين والمعترضين)، فنالت تأييد 50 نائباً، يمثّلون “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” و”اللقاء التشاوري النيابي المستقل” و”اللقاء الوطني” واعتراض 42 نائباً يمثّلون نواب “القوات” و”الكتائب” و”الإشتراكي” و”التغييريين”.
إشارة إلى أن تغيير موقف “حزب الله” جاء على لسان النائب حسين الحاج حسن الذي تحدّث باسم نواب “الحزب” قبل التصويت. فأكد على “ضرورة عدم الشغور في قيادة الجيش والأجهزة الأمنية”، ووجه التحية الى “شهداء الجيش الذين سقطوا إلى جانب المقاومين والمواطنين”. وطالب بـ “مبدأ الشمولية في التشريع”. وهو ما يمكن أن يفهم منه “الرسالة الإيجابية” من “الحزب”، وفق متطلّبات مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.
هل سينسحب ذلك على رئاسة الجمهورية؟ تؤكد مصادر “الوفاء للمقاومة” أنّ “النظرة إلى الملفّين منفصلة”. وتشير كواليس مجلس النواب إلى أن الأسابيع المقبلة ستشكّل فسحة لمشاورات جدّية لتكون جلسة التاسع من كانون الثاني مختلفة عن سابقاتها.
قوانين هامّة أقرت في الجلسة
بالعودة إلى جدول أعمال الجلسة، فقد أقرّت قوانين استثنائية وضرورية يرجى أن تنعكس إيجاباً على الدولة والمواطن والقطاع الخاص، وكان محورها رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان. وأقرت الجلسة صيغة تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية بين 8 تشرين الأول 2023 و31 آذار 2025 ضمناً، مع تعديل بسيط، اقترحه كنعان، وتمثّل بالفقرة المتعلّقة بالجمعيات والتعاونيات. كما أقرّت قانون إعادة تقييم الأصول الثابتة للمؤسسات والشركات وفق صيغة لجنة المال والموازنة، ما يمنع الظلم عن المؤسسات والشركات والأفراد بتكليفهم ضرائب وهمية. وأقرّت ايضاً القانون المقدّم من النواب: كنعان، حسن فضل الله، بلال عبد الله، محمد خواجة، جهاد الصمد وعلي حسن خليل، لتعديل مواد في قانون تنظيم ديوان المحاسبة، وهي مسألة كانت ضرورية نتيجة انهيار سعر الصرف وما تسبب به من شلل في مشاريع الوزارات والإدارات نتيجة الرقابة المسبقة على سقوف مالية زهيدة جداً.
وأقرّت الجلسة كذلك اقتراح النائب علي حسن خليل للتمديد للقضاة في القضاء العدلي، ما يمدّد للقضاة المنتهية ولايتهم في مجلس القضاء الأعلى. واعترض عدد من النواب، فأصرّ بري عليه فصادق المجلس عليه برفع الأيدي حتى بعد مطالبة النواب بالتصويت عليه بالمناداة، على الرغم من مطالبة عدوان “بعدم إقراره لأن اقتراح القانون لم يرسل إلى وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى لإبداء الرأي”.
في المحصّلة، العين على العشرة أيام الأولى من العام الجديد. فهل يحمل كانون الثاني عيدية رئاسية أم أن “الطبخة الرئاسية” ستؤجّل مرة جديدة لمزيد من التوافقات الداخلية والضوء الأخضر الخارجي؟