سلايدات

بعد الأسد.. سوريا إلى أين؟

كتبت اميرة حمادة

اليوم، تعود المدن السورية إلى الحياة وسط أجواء من التفاؤل الممزوج بالحذر، حيث يحمل السوريون أحلامًا جديدة بالحرية والوحدة، تعكسها احتفالات شعبية وتطلعات لبناء وطن يستحق تضحياتهم. ورغم الفرحة بتحقيق انتصار المعارضة على نظام الأسد، تبقى تساؤلات كبيرة حول مستقبل البلاد، ودور الفصائل المعارضة، وتأثير القوى الدولية في إعادة تشكيل الخريطة السورية.
نجاح المعارضة، المكونة من فصائل متعددة الأهداف والمصالح، قد يؤدي إلى نزاعات داخلية بسبب غياب حكومة مركزية. سيناريو الصراعات البينية بين الفصائل يشبه ما حدث في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث أفضت الخلافات الداخلية إلى حالة من عدم الاستقرار ما زالت البلاد تعاني منها.
لكن الوضع السوري أكثر تعقيدًا؛ مع فتح الحدود والمناطق المتنازع عليها حدوديا، خاصة منطقة لواء الاسكندرون التي ستكون قنبلة موقوتة ما بين سوريا وتركيا، مما يزيد من تعقيد المشهد بشكل كبير.
في ظل التشرذم الحالي، يبدو التقسيم الفعلي أحد السيناريوهات المحتملة. قد تتبلور سوريا إلى مناطق نفوذ دائمة، مثل منطقة سنية بقيادة “هيئة تحرير الشام”، منطقة كردية تسعى لتحقيق حلم إقامة دولة مستقلة، منطقة علوية تحت قيادة فلول النظام القديم، مناطق درزية قد تنشأ في الجنوب دون قيادة واضحة حتى الآن.
من شأن هذا السيناريو أن يثير صراعات إقليمية، خصوصًا إذا اتجه الأكراد لتحقيق دولتهم المستقلة، وهو ما ترفضه تركيا بشدة باعتبار ذلك تهديدًا لأمنها القومي وامتدادًا لحزب العمال الكردستاني.
ويبقى الحل السياسي الشامل احتمالاً ضعيفًا، حيث يمكن أن تضغط القوى الدولية والإقليمية لتشكيل حكومة انتقالية تشمل جميع الأطياف السورية. لكن التجارب السابقة في العراق، ليبيا، اليمن، والسودان أثبتت أن تشكيل نظام سياسي مستقر عقب الثورات أمر بالغ الصعوبة. هذه الدول ما زالت تعاني من اضطرابات، مما يجعل هذا السيناريو بعيد المنال في الحالة السورية.
إذاً، سوريا اليوم أمام مفترق طرق معقد، حيث ستحدد مصالح القوى الدولية والإقليمية مستقبلها. ورغم الآمال بإعادة بناء سوريا كدولة موحدة ومستقلة، لكن المشهد الحالي لا يبشر بالخير ويترك تساؤلات كبيرة حول إمكانية تحقيق ذلك في ظل الانقسامات والصراعات التي تعصف بالبلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى