استلهم فريق بحثي من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا (QUT) أسلوب عمل أدمغة الحشرات والحيوانات لتطوير نظام ملاحة للروبوتات يتميز بالكفاءة العالية في استهلاك الطاقة والدقة في التعرف على المواقع.
تمكنت مجموعة بحثية من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا بقيادة الدكتورة “سمية حسيني” وزملائها البروفيسور “مايكل ميلفورد” والدكتور “توبياس فيشر” من مركز QUT للروبوتات، من تحقيق تقدّم جديد في مجال أنظمة ملاحة الروبوتات، مستلهمين عمل أدمغة الكائنات الحيّة لتحسين أداء الروبوتات. وقد نُشرت نتائج البحث في مجلة IEEE Transactions on Robotics بدعم من شركة “إنتل”.
يقترح البحث خوارزمية جديدة للتعرف على المواقع، تعتمد على الشبكات العصبية الشائكة (Spiking Neural Networks – SNNs) ووفقاً للدكتورة حسيني، “الشبكات العصبية الشائكة هي شبكات اصطناعية تحاكي كيفية معالجة الأدمغة البيولوجية للمعلومات باستخدام إشارات قصيرة ومتقطعة، تماماً مثل الطريقة التي تتواصل بها الخلايا العصبية في أدمغة الحيوانات”.
هذه الشبكات تتلاءم بشكل خاص مع الأجهزة العصبيةNeuromorphic Hardware، وهي أجهزة حاسوبية متخصصة تحاكي الأنظمة العصبية البيولوجية، ما يتيح معالجة أسرع واستهلاكاً أقل للطاقة بشكل كبير.
تحسين الملاحة في البيئات المعقّدة
رغم التقدّم السريع الذي شهده مجال الروبوتات في السنوات الأخيرة، لا تزال الروبوتات تواجه صعوبات كبيرة في التنقل والعمل في بيئات معقّدة وغير معروفة. وتعتمد أنظمة الملاحة الحالية بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب طاقة كبيرة وقدرات حاسوبية هائلة.
الدكتور “فيشر” أوضح أن “الحيوانات تمتاز بقدرتها الفريدة على التنقل بكفاءة ومرونة في بيئات واسعة وديناميكية. هذا العمل يمثل خطوة نحو تطوير أنظمة ملاحة مستوحاة من البيولوجيا، يمكنها أن تنافس أو حتى تتفوق على الأساليب التقليدية الحالية.”.
نظام ملاحة متطور ودقيق
يعتمد النظام المطور على وحدات صغيرة من الشبكات العصبية للتعرف على الأماكن من خلال الصور. تمّ دمج هذه الوحدات في نظام موسع يتكون من مجموعة من الشبكات العصبية الشائكة، ما يجعل النظام قابلاً للتوسع والتعلم للتنقل في بيئات كبيرة.
وصرّح البروفيسور “ميلفورد” بأن “استخدام تسلسلات من الصور بدلاً من الصور الفردية أدّى إلى تحسين دقة التعرف على الأماكن بنسبة 41٪، ما سمح للنظام بالتكيّف مع التغيّرات في المظهر عبر الزمن والفصول والظروف الجوية المختلفة.”.
تطبيقات واعدة
أُثبتت فعالية النظام الجديد على روبوت يعمل بموارد محدودة، ما يبرهن على جدوى هذه التقنية في العالم الحقيقي، حيث تكون كفاءة الطاقة ضرورية.
الدكتورة “حسيني” أضافت: “يمكن أن يساعد هذا البحث في تمهيد الطريق لتطوير أنظمة ملاحة أكثر كفاءة وموثوقية للروبوتات المستقلة في البيئات التي تتسمّ بشح الموارد. وتشمل الفرص المثيرة للاهتمام مجالات مثل استكشاف الفضاء وجهود الإغاثة في الكوارث، حيث تكون كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل أوقات الاستجابة أموراً حاسمة.”.
يعكس هذا البحث طفرة في استلهام الأنظمة البيولوجية لتطوير تقنيات المستقبل، ما يفتح آفاقاً جديدة لتحسين أداء الروبوتات في البيئات المعقّدة مع توفير في استهلاك الطاقة، ما يُعدّ خطوة مهمّة نحو ابتكارات تدعم المجالات الحيوية المختلفة.