سلايدات

النظام السوري بين جرائمه وجرائم الاحتلال الإسرائيلي: مقارنة مجافية للمنطق

الدكتور المهندس وسام صافي
عميد متقاعد في الجيش اللبناني

يحاول إعلام محور الممانعة باستمرار التذرع بجرائم الاحتلال الإسرائيلي لتبرير أو تخفيف فظائع النظام السوري بحق شعبه. هذا الطرح لا يمكن أن يصمد أمام الحقائق والمنطق. فالاحتلال الإسرائيلي، بطبيعته العدوانية والتوسعية، يمارس جرائمه كجزء من استراتيجيته الاستعمارية، في حين أن النظام السوري، الذي يُفترض أن يكون حامي شعبه وسيادة بلاده، تحوّل إلى عدو داخلي يفتك بأبناء وطنه حفاظًا على سلطته المطلقة.

الاحتلال الإسرائيلي: عدو خارجي واضح

جرائم الاحتلال الإسرائيلي، رغم شراستها، هي امتداد لطبيعة هذا الكيان الاستعماري. الاحتلال استهدف الشعب الفلسطيني وشعوبًا عربية أخرى بهدف السيطرة على الأرض وتشريد سكانها الأصليين.
هذه الجرائم، على فظاعتها، تنسجم مع طبيعة العداء التاريخي الذي يعتمده الاحتلال تجاه الشعوب التي اغتصب أراضيها. ومن الطبيعي أن تُتوقع مثل هذه الانتهاكات من كيان استعماري.

النظام السوري: خيانة الداخل

على النقيض، النظام السوري لم يرتكب جرائمه في سياق الدفاع عن الوطن أو تحرير الأراضي المحتلة. بل جاءت هذه الجرائم نتيجة قمعه الوحشي لشعبه، الذي طالب بحقه في الحرية والكرامة.
هذا النظام استخدم كل أدوات القمع الممكنة ضد المدنيين الأبرياء: القصف بالبراميل المتفجرة، الحصار الممنهج، استخدام الأسلحة الكيماوية، والاعتقالات الجماعية. هذه الانتهاكات لم تكن إلا وسيلة لبقاء النظام في السلطة، مهما كان الثمن.

فرق جوهري في طبيعة الجرائم

هناك فرق أساسي بين جرائم الاحتلال وجرائم النظام السوري:
– الاحتلال الإسرائيلي يمارس جرائمه كعدو خارجي مستعمر، وبالتالي فإن مقاومته هي حق مشروع للشعوب المظلومة.
– النظام السوري، من جهة أخرى، هو نظام حاكم يُفترض أنه وطني، ولكنه استغل سلطته لقمع شعبه بطرق لا تقل وحشية عن ممارسات الاحتلال، بل تفوقها أحيانًا، كونها تأتي من داخل منظومة يُفترض أن تحمي المواطنين.

التبرير الإعلامي: تضليل متعمد

إعلام الممانعة، بمقارنته جرائم النظام السوري بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، يهدف إلى تضليل الرأي العام وصرف الأنظار عن المسؤولية الحقيقية للنظام السوري.
هذه المقارنة الخادعة ليست سوى محاولة لإعادة ترتيب الأولويات؛ حيث يتم تصوير النظام السوري كضحية مؤامرة عالمية، في حين أنه الجلاد الفعلي لشعبه.

جرائم الأنظمة أكثر خطورة

بينما تبقى جرائم الاحتلال الإسرائيلي مدانة وغير مبررة، فإن جرائم الأنظمة ضد شعوبها تحمل بعدًا أكثر خطورة. هذه الجرائم تُضعف الروابط الوطنية، وتكسر ثقة الشعب في دولته ومؤسساته.
عندما يُمارس القمع من داخل البيت، فإن تأثيره يكون أشد قسوة من عدوان خارجي، لأنه يحوّل الدولة من حامية للمواطنين إلى أداة لقمعهم.

الخلاصة: لا تبرير للجرائم

الجرائم، سواء كانت من عدو خارجي أو من نظام داخلي، تظل جرائم تستوجب الإدانة والمحاسبة. لكن النظام الذي يمارس العنف ضد شعبه يتسبب في دمار مضاعف، لأنه يُفقد الشعب وحدته الوطنية ويزرع فيه اليأس من إمكانية الإصلاح أو المقاومة.

الاحتلال الإسرائيلي عدو واضح ومعلن، لكن الأنظمة التي تخون شعوبها هي العدو الأخطر لأنها تقوّض القيم الوطنية وتدمر إرادة الشعوب من الداخل، تاركة المجال مفتوحًا أمام الاحتلال والتدخلات الخارجية على حد سواء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى