تشهد سوريا تحولاً جذرياً بسقوط نظام بشار الأسد، لتبدأ مرحلة جديدة تتطلب جهوداً مكثفة لإعادة بناء الدولة وترميم ما دمرته الحرب.
هذا التحول يفتح الباب أمام عمليات إعادة الإعمار التي تعد ضرورة اقتصادية وإنسانية لإحياء البنية التحتية، واستعادة الخدمات الأساسية، وتهيئة الظروف لعودة ملايين النازحين واللاجئين.
ومع تنامي الحاجة إلى مشاريع ضخمة لإعادة الإعمار، يصبح المشهد السوري ساحة واعدة للاستثمارات، لا سيما من الدول المجاورة التي تمتلك القدرة والموقع الاستراتيجي للمشاركة في هذا التحول.
في مقدمة المستفيدين، تبرز الشركات التركية باعتبارها الأقرب جغرافياً والأكثر تأهيلاً للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار. كما أن العلاقات الاقتصادية المحتملة بين تركيا وسوريا في مرحلة ما بعد النظام يمكن أن تعزز الروابط التجارية والاستثمارية، خاصة في قطاعات الإنشاءات والبنية التحتية.
في هذا السياق، يشير تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ربما يصبح أحد أكبر الرابحين من سقوط نظام الأسد بعد سنوات من عدم الاستقرار والعزلة نتيجة للحرب في سوريا التي اندلعت على عتبة داره منذ 13 عاما.
في كلمة ألقاها يوم السبت الماضي في غازي عنتاب، إحدى المدن الحدودية التي تحولت بفعل الصراع وملايين اللاجئين الذين خلقهم، أعلن الزعيم التركي “واقعا دبلوماسيا وسياسيا جديدا في سوريا” بعد أكثر من عقد من الدعم للمعارضة المسلحة السورية.
ويشير التقرير إلى أن عديداً من المحللين مقتنعون بأن أردوغان، من المقرر أن يستفيد سياسيا واقتصاديا من مكانته الجديدة باعتباره الفاعل الأجنبي الأكثر نفوذا في البلاد بعد سقوط الأسد، الذي كان مدعوما من روسيا وإيران.
في هذا الإطار، يقول عمر أوزكيزيلجيك، وهو زميل بارز في مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية: “بعد رجال الأعمال السوريين، فإن تركيا هي الرابح الأكبر هنا. عندما تخلى الجميع عن السوريين، وعندما لم تدعم أي دولة أخرى المعارضة، لم تتخل تركيا عنهم”.
ويشار إلى أن الروابط التي جمعت تركيا بأطراف المعارضة السورية التي حققت يوم الأحد الماضي حلمها الطويل في السيطرة على دمشق، تجعل أردوغان في وضع أفضل من أي زعيم أجنبي آخر للاستفادة من صعودهم المتوقع إلى السلطة ــ حتى لو ظل الوضع متقلبا وغير مؤكد إلى حد كبير.