
كتب د. جيلبير المجبِّرْ في اللواء:
أيُّها الإخــوة الأعـــزاء، من أرض الغربة أخاطبكم فيما خصّ الأوضاع العامة في بلدنا لبنان فالأحداث في لبنان لها أسباب معينة ومُسبِّبات جمّة فرضتها ظروف سياسية حملتْ معها الويلات علينا جميعًا وأسباب هذه الويلات تنم عن ساسة ما عرفوا الضمير وما عاشوا بخوف الله. إنّ الأداء السياسي النتن يتحكّم بكل مفاصل الدولة المدنية والعسكرية الشرعية وتتفاقم يومًا عن يوم والكل عاجــــــــــــزون عن إيجــــــــــــاد المخارج للأزمة.
أصبح لدينا نحن المغتربون قناعة متبيانة ومتضاربة عمّا تعتقدونه أنتم في لبنان، فواقع الحال أيها الإخوة يشي بأنّ الأغلبية منكم تطبّعت مع الأمر الواقع لا بل إستسلمت لهؤلاء القادة المتزمتين… عليكم أن تتحلوا بالموضوعية والتجرُّد جميعهم كذبة عملاء فاسدون على ضوء المعطيات التي تظهر تباعًا… توّقفوا أيها الإخوة أمام الأزمة السياسية الطارئة وفي طليعتها أزمة الشغور الرئاسي وأزمة النظام الديمقراطي وبلاء ما أنتجته الإنتخابات الأخيرة… أزمة نشأت خلال إنتهاء ولاية الرئيس العماد عــون وبلغتْ ذروتها في هذه الأيام، أي بعد أن تشبث كل طرف بمواقفه التي لا تمُّت إلى الواقع الدستوري بأي صلة.
من خلال ما يصلني من دائرة مكتب بيروت (قسم العلاقات السياسية )، ألاحظ أنّ جميع المواقف تقتصر على الجزئيات، فيما لم يُبذل أي جهد من أجل الغوص في صميم ما أدّى إلى الحالة الراهنة، وأعتقد شخصيًا وبعد مراجعة إختصاصيين لبنانيين ودبلوماسيين هنا أنّ ما فجّــر الأزمة في صورة أساسية وما زال يغذيها هو عاملان لا ثالث لهما وهما : طريقة النهـج السياسي المتبع من قبل ساسة الأمر الواقع، أما العامل الثاني هو : التعامل مع هؤلاء على الهامش وهنا أحمّل البطريرك الماروني كل المسؤولية وليس معذورًا عن هذا التقصير، وطريقة مقاربته للأزمة الرئاسية ومن ثم ما طرحه من منظومة «الحياد»، بلغتا حدودًا لا تصدّق !!! هناك شعب يا صاحب الغبطة مستهدف حصرًا بالجرائم السياسية والمالية والأمنية متروك لأمره وأنتم ومجلس مطارنتكم غير آبهين لما يحصل… تقومون بزيارات وتجمعون المال بإسم الشعب، والشعب فقير «منتوف « و»عايف سماكم…» كما إني أعتبر أنّ كل الساسة مقصودين وليست البطريركية حصرًا.
إنتفضوا وطالبوا بحقوقكم المهدورة وطنيًا ودينيًا ووجهّوا أصابع الإتهام في صورة خاصة نحو الساسة ورجال الدين مسيحيين ومُسلمين وأدخلوا في كل التفاصيل وسمّوا كل الجهات السياسية والدينية الداخلية والخارجية المعنية بكل الجرائم التي تحيطكم. لا تخافوا من قول الحق وإعلموا أنكم والحق أكثرية… جابهوم قولاُ وفعلاً، ولا تخافوا منهم خوّفوهم.
هذه هي القضية، قضية ترنحنا في أزمة سياسية – أمنية – إقتصادية – مالية – إجتماعية خانقة من حيث المنطلقات والأسباب العميقة، لا بل قصة ما سُمِّيَ « معارضة، ثورة « ونزولها إلى الشارع وكل ما رفعته من مطالب كانت هامشية غير مبرّرة وغير مقنعة، لا بل شكّلت قفزًا فوق أوجاعنا وحاولت جاهدة نسف النظام الديمقراطي البرلماني الذي من دون إحترامه لا تستقيم الأمور والأوضاع العامة في البلاد… إني أتحدى واحدًا من هؤلاء الذين تظاهروا إن كان يحمل خارطة طريق لحل ما نحن عليه من أزمات، فعلاً كانوا جميعًا مطيّة لضرب طموحات شعبنا والقضاء على مستقبلنا.
الحل كل الحل لا يكون إلاّ بالعودة إلى الذات اللبنانية وبرفض الدخول في المحاور الخارجية وبرفض قادة الأمر الواقع لا سيّما من هم اليوم في سدّة المسؤولية، أي مفجّروا الأزمات في لبنان ومعطّيلوا الحلول… أرفضوا من هم سبب الأزمة، أرفضوا أن تكونوا وقودًا للأزمات أرفضوا منطق السلاح الغير شرعي، أرفضوا من يتطاول على الدستور والقوانين، أرفضوا من رهنوكم وباعوكم بأبخس الأثمان وهم يسكنون القصور ويُسافرون،وأنتم مغلوب على أمركم…
هذا هو فهمنا للأزمة سواء أكنا في بلاد الإنتشار أو في قلب لبنان المرجو اليوم القيام بمراجعة نقدية جديّة لمجمل الطروحات والسلوكيات من أجل تبديد بعض الإلتباسات المبنية على رؤية خاطئة لكل ما هو قائم.